وأما بيع كل قفيز منها بكذا فهو باطل مطلقا، وبه يتبين ما في الكلام الأول من الاجمال.
وقد صرحوا - أيضا - بأنه لا يجوز ابتياع شئ مقدر غير معين منه، إذا لم يكن متساوي الأجزاء، كالذراع من الثوب، والجريب من الأرض، وعبد من عبيد، وشاة من قطيع. ولو عينه من جهة، كما لو قال: من هذا الطرف إلى حيث ينتهي، ففي صحته قولان، أشهرهما: الصحة. ويجوز ذلك في المتساوي الأجزاء، كالقفيز من الكر.
أقول: لا يبعد التفصيل في هذا المقام، بأن يقال بعدم الصحة في نحو عبد من عبدين أو عبيد، وشاة من قطيع. والصحة في نحو ذراع من الثوب وجريب من الأرض.
لحصول المجهولية في الأول فيبطل البيع لذلك، لتفاوت أفراد العبيد وأفراد الشاة تفاوتا فاحشا، بخلاف أجزاء الثوب وأجزاء الأرض، إذ الغالب في الثوب المصنوع أن تكون صنعته من أوله إلى آخره على نهج واحد. وكذلك الأرض. وحينئذ فلا فرق بين أن يبيعه ذراعا معينا مشارا إليه - كما اعترفوا بالصحة فيه - ولا بين أن يبيعه ذراعا من أي طرف أراد المشتري. وهكذا في الأرض.
ويؤيده ما تقدم من الاكتفاء بالمعلومية في الجملة من المواضع. وإلى ما ذكرنا يشير كلام المحقق الأردبيلي في شرح الإرشاد، حيث قال - بعد أن نقل عنهم المنع من عدم تعيين الموضع، والجواز مع تعيينه، كأن يقول - ابتداء -: الذرع من هذا الرأس وابتداء الجريب من هذا الجانب من الأرض - ما لفظه: وفيه تأمل، إذا لم يقم دليل على اعتبار هذا المقدار من العلم فإنهما إذا تراضيا علي ذرع من هذا الكرباس، من أي رأس أراد المشتري، أو من أي جانب كان من الأرض، فما المانع بعد العلم بذلك، مع أن الغالب هو التساوي في طول ثوب الكرباس - مثلا - وأرض متصلة الأجزاء بمعنى عدم تفاوت بين أجزائها المستلزم لتفاوت في قيمته. فتأمل فيه. انتهى.