ومع ذلك قال في شرح الشرايع: لا اشكال في الضمان مع الجهل بالفساد، فتأمل ومع علمه بالفساد، وبعدم جواز التصرف وحفظه ووجوب رده إلى مالكه معجلا كالمغصوب.
وذلك قد يكون بعلمه بطلب من المالك، على تقدير الفساد وعدم رضاه بكونه عنده، وفتوى العلماء له بذلك، فهو ضامن للأصل. وما يتفرع عليه كما قيل في الغصب، حتى أنه يضمن العين والمنفعة، وإن لم ينفع بها، مثل أجرة الدابة في المدة التي كانت عنده، وأما مع الجهل بالفساد لا سيما في أمر غير ظاهر الفساد، وكذا بعد العلم به، ولكن مع عدم العلم بوجوب الرد في الحال، والضمان غير ظاهر.
ولو ظن أن المالك رضي لهذا المال بالبدل المعلوم، فهو راض بأن يتصرف فيه عوضا عما في يده، فالأكل حينئذ ليس بالباطل، بل بالرضا، فإنه رضي بالتصرف فيه بأن يجوز له التصرف في بدله، وقد جوز صاحبه ذلك، وعرف كل واحد من صاحبه ذلك. فحينئذ يجوز تصرف كل واحد في بدل ماله وإن لم يكن بسبب البيع، بل بسبب الإذن المفهوم مع البدل، وكأنه يرجع إلى المعاطاة والإباحة مع العوض من غير بيع، ولا تجد منه مانعا، غاية الأمر أنه يكون لكل واحد الرجوع عن قصده الأول وأخذ ماله عينا وزيادة.
نعم إذا علم عدم الرضا إلا بوجه البيع، أو اشتبه ذلك، يتوجه عدم جواز التصرف والضمان على تقدير فهم عدم الرضا بالمكث عنده، وكونه أمانة على تقدير غيره ويحتمل جواز التصرف على تقدير التقابض أيضا في بعض المحال، بأن غاب وامتنع الاطلاع عليه وايصاله إليه وأخذ ماله منه. كما غير هذه الصورة.
وبالجملة دليل حكم المشهور بينهم، وهو جعل حكم المقبوض بالسوم والعقد الفاسد مثل الغصب في أكثر الأحكام، حتى في إلزامه بالايصال إلى صاحبه فورا "، فلا يصح عباداته في أول وقتها، على تقدير القول بمنافاة حقوق الآدمي، كما هو ظاهر كلامه غير ظاهر، فالحكم مشكل، ولا شك أنه ينبغي ملاحظة ذلك مهما أمكن.