أقول: قال في الدروس: ولو أسلم في الكيل وزنا أو بالعكس فالوجه الصحة لرواية وهب، عن الصادق عليه السلام. وأشار بالرواية المذكورة إلى ما رواه الشيخ عن أحمد بن أبي عبد الله عن وهب عن جعفر عن أبيه عن علي عليه السلام قال: لا بأس بالسلف ما يوزن فيما يكال وما يكال فيما يوزن (1) ورواه في الفقيه عن وهب.
وأنت خبير بأن الظاهر من قوله " لا بأس يسلف المكيل في الموزون وبالعكس " أن يكون أحدهما ثمنا ولآخر مثمنا، لا ما ذكره من كيل الموزون ووزن المكيل، كما هو المدعى.
ويعضد ما ذكرناه ذكر الشيخ الرواية المذكورة في باب اسلاف السمن بالزيت واحتمال أنه أشار بالرواية إلى رواية أخرى غير هذه الرواية بعيد، إذ لم نقف في الباب على غيرها ويحتمل في عبارة الدروس أن يقال: إن وزنا بمعنى الموزون، فيوافق ظاهر الرواية، إلا أن سياق كلامه يأبى الحمل على ذلك. وبذلك يظهر لك قوة القول الثاني.
وبالجملة فإن مقتضى القاعدة المتقدمة هو الوقوف في كل شئ على ما ورد، فالمكيل، لا يباع إلا كيلا وكذا الموزون والمعدود، إلا مع ورود دليل شرعي على جواز الاكتفاء بأحدها عن الآخر، ومجرد هذه التعليلات التي يتداولونها في مثل هذه المقامات لا تصلح لتأسيس الأحكام الشرعية.
نعم قد روى المشايخ الثلاثة في الصحيح عن ابن مسكان والحلبي، عن أبي عبد الله عليه السلام أنه سئل عن الجوز لا نستطيع أن نعده فيكال بمكيال ثم يعد ما فيه، ثم يكال ما بقي على حساب ذلك العدد، فقال: لا بأس به (2).
وهذا في الحقيقة لا يخرج عن بيعه عددا وإن دل على اغتفار التفاوت اليسير