كان بصيرا مميزا (1) رشيدا يعرف نفعه وضره بالمال، كما نجده في كثير من الصبيان، فإنه قد يوجد منهم من هو أعظم في هذه الأمور من آبائهم، فلا مانع له من ايقاع العقد، خصوصا مع إذن الولي أو حضوره بعد تعيينه الثمن. انتهى.
أقول: لا يخفى أن ما ذكره وإن كان جيدا من حيث الاعتبار بالنظر إلى ما عده من الأفراد، إلا أنه بالنظر إلى الأخبار لا يخلو من تطرق الإيراد.
وها أنا أذكر ما وصل إلي من الأخبار الجارية في هذا المضمار.
فمنها: ما رواه في الكافي عن حمزة بن حمران عن حمران قال: سألت أبا جعفر - عليه السلام - قلت له: متى يجب على الغلام أن يؤخذ بالحدود التامة و يقام عليه ويؤخذ بها؟ قال: إذا خرج عن اليتم فأدرك، قلت: فلذلك حد يعرف به؟ فقال: إذا احتلم أو بلغ خمس عشرة سنة أو أشعر أو أنبت قبل ذلك، أقيمت عليه الحدود التامة، وأخذ بها، وأخذت له، قلت: فالجارية متى تجب عليها الحدود التامة وتؤخذ بها ويؤخذ لها؟ قال: إن الجارية ليست مثل الغلام، لأن الجارية إذا تزوجت ودخل بها ولها تسع سنين ذهب عنها اليتم ودفع إليها مالها وجاز أمرها في الشراء والبيع، وأقيمت عليها الحدود التامة، وأخذ لها وبها، قال: والغلام لا يجوز أمره في الشراء والبيع ولا يخرج من اليتم حتى يبلغ خمس عشرة سنة، أو يحتلم أو يشعر أو ينبت قبل ذلك (2) ورواه في مستطرفات السرائر نقلا من كتاب المشيخة للحسن بن محبوب إلا أنه رواه عن حمزة بن حمران، قال: سألت أبا جعفر عليه السلام من غير واسطة حمران.
أقول: والخبر - كما ترى - ظاهر فيما ذكره الأصحاب - رضي الله عنهم -