سائر العقود والمعاملات: أن المعتبر فيها، إنما هو الألفاظ الجارية في البين، مما يدل على الرضا من الطرفين.
ولا بأس بايراد ما خطر بالبال من الأخبار الجارية على هذا المنوال:
فمنها: صحيحة عبد الرحمن بن الحجاج، قال: سألته عن الرجل يأتي بالدراهم إلى الصيرفي فيقول له: آخذ منك المأة بمأة وعشرة، أو بمأة وخمسة، حتى يراوضه على الذي يريد، فإذا فرغ جعل مكان الدراهم الزيادة دينارا أو ذهبا، ثم قال له: قد راددتك البيع (1) وإنما أبايعك على هذا، لأن الأول لا يصلح، أو لم يقل ذلك، وجعل ذهبا مكان الدراهم: فقال: إذا كان أجرى البيع على الحلال فلا بأس بذلك (2).
وظاهر الخبر - كما ترى - أن البيع إنما وقع بهذا اللفظ المذكور الذي وقع بينهما أولا من المحاورة على الزيادة، حتى تراضيا علي قدر معلوم، غاية الأمر أنه لما كان البيع باطلا بسبب الزيادة الجنسية المستلزمة للربا، فمتى أبدلها بغير الجنس صح البيع وتم.
ومنها: حسنة الحلبي عن الصادق عليه السلام قال قدم لأبي متاع من مصر فصنع طعاما، ودعى له التجار، فقالوا له: نأخذه منك بده دوازده (3) فقال لهم أبي:
وكم يكون ذلك؟ فقالوا في العشرة آلاف الفان، فقال لهم أبي: فإني أبيعكم هذا المتاع باثني عشر ألف درهم. فباعهم مساومة (4).
والحديث - كما ترى - صريح في صحة البيع بهذا اللفظ، مع أنه غير جار على مقتضى قواعدهم التي اشترطوها، من تقديم الإيجاب على القبول، كما