والظاهر أن الوجه فيه هو أنه متى كان قليلا فإنه لا يشغله عن تحصيل المعيشة لنفسه ولا موجب لحبس نفسه على اصلاح أموالهم و (رابعها): كون الأكل مقدار الكفاية من غير إسراف، لقوله عز وجل " بالمعروف " والمعروف: ما لا إسراف فيه ولا تقتير، وهو الحد الوسط.
وإلى هذا الشرط يشير قوله - في صحيحة عبد الله ابن سنان -: " المعروف هو القوت " وقوله - في موثقة سماعة -: " فليأكل بقدر ولا يسرف ".
ومن هنا يعلم صحة القول الثاني من الأقوال المتقدمة باعتبار هذا الشرط، وإن كان بالنظر إلى اطلاقه غير صحيح، لما عرفت من اشتراط الأكل بالشروط التي ذكرناها، وكذا غيره من الأقوال المتقدمة إن أخذت على اطلاقها، كما هو ظاهر قولهم بها ونقل الناقلين لها.
وحينئذ يكون ما اخترناه هنا (1) قولا سادسا.
أما القول باعتبار أجرة المثل - كما هو أول الأقوال المتقدمة - فأنكره بعض مشائخنا المعاصرين (2) بعد اختياره القول الثاني، لعدم وجود الدليل عليه، وادعى أنه ليس في الأخبار تقييد أجرة المثل، وإنما هو تخريج محض واستنباط صرف، وهو في مقابلة النص غير معتبر. قال: وهذا كاف في رد هذا القول. انتهى.
أقول: يمكن أن يستدل على هذا القول بقوله عليه السلام في صحيحة هشام بن الحكم " ينظر إلى ما كان غيره يقوم به من الأجر فليأكل بقدر ذلك " فإنه - كما ترى - ظاهر في الرجوع إلى أجرة المثل، وحينئذ فيكون هذا الخبر مستند القول المذكور.