الحدائق الناضرة - المحقق البحراني - ج ١٨ - الصفحة ٣٤٢
وإن كان ظاهر صحيحتي عبد الله بن سنان ذلك، بل يتعدى الحكم إلى الكسوة (1) أيضا، لأن المفروض أنه حبس نفسه على أموالهم ليس له مكسب سوى ذلك، وحينئذ يحمل القوت في الخبرين المذكورين على التمثيل، لأنه الضروري اللا بدي. (2) قال في المسالك: إن الأكل بالمعروف يحتاج إلى تنقيح، فإن أريد به الأكل المتعارف - كما يظهر من الآية والرواية وجعل مختصا بالولي - لا يتعدى إلى عياله، فلا منافاة بين الفقر وحصول الكفاية منه بهذا الاعتبار، لأن حصول القوت يحتاج معه إلى بقية مؤنة السنة من نفقة وكسوة ومسكن وغيرها، حتى يتحقق ارتفاع الفقر، إن لم نشترط حصول ذلك في بقية عياله الواجبي النفقة، وحينئذ فقولهم - في الاستدلال بثبوت أقل الأمرين " أنه مع حصول الكفاية يكون غنيا فيجب عليه الاستعفاف عن بقية الأجرة " - غير صحيح. وإن أريد به مطلق التصرف كما هو المراد من قوله " ولا تأكلوها إسرافا، وبدارا " " ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل " " إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما " وغير ذلك، فقيد المعروف من ذلك غير واضح المراد، ليعتبر

(1) أقول: وعلى هذا فالمراد بالأكل في قوله تعالى " فليأكل بالمعروف " مطلق التصرف كما وقع مثله في جملة من الآيات، كقوله تعالى " إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما " وقوله " ولا تأكلوها إسرافا وبدارا أن يكبروا " وقوله " ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل " وحينئذ فالمراد والله سبحانه أعلم: أنه يتصرف في أموالهم ويأخذ ما يحتاج إليه من نفقة وكسوة و نحو ذلك له ولعياله بالمعروف، من غير افراط ولا تفريط باسراف أو تقتير: منه قدس سره (2) وإلا فاللازم من التخصيص بالقوت كما هو ظاهر الخبرين مع فرض حبس نفسه عن تحصيل المعاش حصول الضرر عليه، إن أوجبنا عليه القيام باصلاح أموالهم، كما هو ظاهر أو الاضرار بالأيتام إن لم نوجب عليه ذلك، فيجوز له السعي فيما له ولعياله من الكسوة ونحوها وترك أموالهم معطلة خرابا، وهذا بحمد الله سبحانه ظاهر لا سترة عليه - منه قدس سره.
(٣٤٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 337 338 339 340 341 342 343 344 345 346 347 ... » »»
الفهرست