الأرض الخراجية، مع ما تقدم في رواية أبي بكر الحضرمي، وما ذيلناها به، و صحيحة عبد الرحمن بن الحجاج المتقدم في حكم الزكاة وجواز شرائها - مما يثمر الظن الغالب بجواز تناول الخراج والمقاسمة من الجائر، وأن تصرفه في ذلك يجري مجرى تصرف الإمام عليه السلام.
لكن لا في جميع الوجوه التي ذكروها، من أنه لا يحل انكار ذلك عنه، و لا خيانته فيه ولا سرقته ونحو ذلك. حيث إن غاية ما يفهم من هذه الروايات: هو التوصل إلى الانتفاع من هذه الأراضي الخراجية، وخراجها بقبول ذلك من الجائر، والاستيجار منه، والشراء من مال الخراج والزكاة التي قبضها.
وأما ما ذكروه من الزيادة على ذلك من عدم جواز انكاره، ووجوب دفعه له، فربما دلت بعض الأخبار على خلافه، مثل صحيحة عيص بن القاسم، عن أبي عبد الله عليه السلام في الزكاة، قال: ما أخذه منكم بنو أمية فاحتسبوا به، ولا تعطوهم شيئا ما استطعتم، فإن المال لا يبقى على هذا أن يزكيه مرتين (1).
والرواية وإن كان موردها الزكاة خاصة، إلا أن فيها إشارة إلى أنه لا يجوز، دفع الحقوق الشرعية لغير مستحقها وأهلها، لا سيما مع ما يستلزمه من إعانة الظلمة، الذي تقدم التصريح بتحريمه. وإلى ذلك أيضا تشير صحيحة زيد الشحام، قال:
قلت لأبي عبد الله عليه السلام: جعلت فداك أن هؤلاء المصدقين يأتوننا فيأخذون الصدقة فنعطيهم إياها أتجزي عنا؟ قال: لا، إنما هؤلاء قوم غصبوكم - أو قال ظلموكم - أموالكم، وإنما الصدقة لأهلها (2).
وحمله الشيخ على استحباب الإعادة، جميعا بينه وبين ما يدل على الاجزاء من الأخبار. وقد تقدمت في كتاب الزكاة.