يكون المعنى جواز شراء مال الظلمة مع عدم العلم بالغصب بعينه، كما يدل عليه الأصل والأخبار الكثيرة الدالة على جواز أخذ جوائزهم مع كراهة ولكن تزول مع الضيق. انتهى.
أقول: الحق هنا ما ذكره المحقق الأردبيلي رحمه الله، على أنه قد روى في الكافي في باب نادر، آخر أبواب الزكاة، ما يدل على أن عين أبي زياد المذكورة في هذا الخبر كانت ملكا لأبي عبد الله عليه السلام:
روى فيه عن يونس أو غيره عمن ذكره عن أبي عبد الله عليه السلام قال قلت له:
جعلت فداك، بلغني أنك تفعل في غلة عين زياد شيئا فأنا أحب أن أسمعه منك.
قال: فقال لي: نعم، كنت آمر إذا أدركت الثمرة أن يثلم في حيطانها الثلم ليدخل الناس ويأكلوا، وكنت آمر في كل يوم أن توضع عشر بنيات يقعد على كل بنية عشرة، كلما أكل عشرة جاء عشرة أخرى، يلقى لكل نفس منهم مد من رطب، و كنت آمر لجيران الضيعة كلهم، الشيخ والعجوز والمريض والصبي والمرأة، و من لا يقدر أن يجئ فيأكل منها، لكل انسان منهم مد، فإذا كان الجذاذ أوفيت القوام والوكلاء والرجال أجرتهم، وأحمل الباقي إلى المدينة ففرقت في أهل البيوتات والمستحقين، الراحلتين والثلاثة والأقل والأكثر على قدر استحقاقهم: وحصل لي بعد ذلك أربعمائة دينار، وكان غلتها أربعة آلاف دينار (1).
ومن هذا الخبر يظهران الضيعة المذكورة كانت له عليه السلام ثم اغتصبت منه، وأن استيماره عليه السلام في الشراء من ثمرتها إنما هو من حيث كونه له عليه السلام.
ولعل المعنى في جوابه عليه السلام وقوله للسائل: إن لم يشتره اشتراه غيره، بمعنى أن تركه شراءه لا ينفع في قلع الظالم عن ظلمه وارتداعه، فإن غيره يشتريه، نعم لو اتفق الناس على عدم شرائه، لربما كان ذلك رادعا لهم عن الظلم، كما تقدم في خبر علي بن أبي حمزة، في المسألة الثالثة من المقام الثالث من مقامات المقدمة