ثم المحدث الكاشاني في تفسيره الصافي، وهو الحق الحقيق بالاتباع.
وأما قوله: فإن الظاهر أنه لا قصور في أصول فقههم.. الخ ففيه أنه لا ريب أن هذا العلم واختراع التصنيف فيه والتدوين لأصوله وقواعده، إنما وقع أولا من العامة، فإن من جملة من صنف فيه الشافعي، وهو في عصر الأئمة - عليهم السلام - مع أنه لم يرد عنهم - عليهم السلام - ما يشير إليه، فضلا عن أن يدل عليه، ولو كان حقا (1) كما يدعونه، بل هو الأصل في الأحكام الشرعية كما يزعمونه، لما غفل عنه 1 - إنا لنستغرب هكذا هجمات قاسية من مثل شيخنا المحدث في هذا الموضع.
بل ولهجته العنيفة التي تأباه المباحث العلمية في ثنايا الكتاب.
ولتساءل الشيخ المصنف: ما هو علم الأصول الذي يستنكره بهذه الصورة الغريبة؟! أما مباحث الألفاظ فهي جملة من مباحث لغوية بحتة يجب على الفقيه تفهمها ليتمكن من استنباط الحكم الشرعي من نصوص الكتاب والسنة، وهي جارية على أساليب اللغة المتعارفة، فكما يجب عليه درس متن اللغة وقواعدها الأدبية، كذلك يجب عليه درس هذه المباحث، لنفس الغاية.
وأما الأصول العملية فهي قواعد فقهية مأخوذة من جملة روايات صحت عن أهل البيت - عليهم السلام - لا بد لكل فقيه أن يرجع إليها عند اعوزاز الدليل الاجتهادي على الحكم فإذا لم يجد دليلا على حرمة شئ أو دليلا على وجوب شئ، فلا بد حينئذ من اللجوء إلى حديث الرفع المتواتر الذي يقبله الأصولي والأخباري. وهكذا الاستصحاب وغيره.
نعم لا يرجع إليه الأخباري في الشبهات التحريمية، ويقتصر في الأخذ بحديث الرفع في الشبهات الوجوبية فحسب. وهذا المقدار لا يصلح فارقا لتكوين مذهبين، وتبريرا لمثل هذا التشنيع القاسي. بل التشنيع موجه إلى الأخباري نفسه الذي يترك العمل بعموم دستور صدر عن أهل البيت - عليهم السلام - فيؤمن بالبعض ويترك البعض لا عن سبب معقول.!
عصمنا الله من طيش القلم وزلة العصبية في المقال. (م. ه. معرفة.)