الأئمة عليهم السلام، مع حرصهم على هداية شيعتهم، إلى كل نقير وقطمير، كما لا يخفى على من تتبع أخبارهم، إذ ما من حالة من حالات الانسان، في مأكله ومشربه وملبسه ونومه ويقظته ونكاحه ونحو ذلك من أحواله، إلا وقد خرجت فيه السنن عنهم عليهم السلام حتى الخلاء، ولو أراد انسان أن يجمع ما ورد في باب الخلاء لكان كتابا على حدة، فيكف يغفلون عن هذا العلم الذي هو بزعمهم مشتمل على القواعد الكلية والأصول الجلية، والأحكام الشرعية، وكذلك أصحابهم في زمانهم عليهم السلام، مع رؤيتهم العامة عاكفين على تلك القواعد والأصول، يعملون به إلى أن انتهت النوبة بعد الغيبة إلى الشيخ - رحمه الله - فصنف فيه استحسانا لما رآه في كتبهم، وخالفهم فيما لا يوافقون أصول مذهبنا وقواعده، ثم جرى على ذلك من بعده من أصحابنا، كما هي قاعدتهم غالبا من متابعته في فتاويه وأحكامه وتصانيفه.
وبالجملة فإن الأمر فيما ذكرنا أظهر من أن يخفى عند الخبير المنصف.
فكتبهم فيه لا تخرج عن كتب أهل الضلال، أن عممنا الحكم في المقام، إلا أنك قد عرفت أن أصل البناء كان على غير أساس، فصار معرضا لحصول الشك والشبهة والالتباس.
وكيف كان فالظاهر على تقدير ثبوت التحريم، أنه إن كان الغرض من ابقائها الاطلاع على المذهب والأقوال ليكون على بصيرة في تمييز الحق من الباطل وعرض ما اختلف من الأخبار عليها والأخذ بخلافه، حيث إنه مأمور بذلك عنهم عليهم السلام ونحو ذلك من الأغراض الصحيحة، فلا اشكال في الجواز. وإليه يشير قوله - قدس سره - أخيرا: على أنه يجوز للأغراض الصحيحة.... الخ. والله العالم وأولياؤه.