لما حرم الله تعالى " (1) " ألا ومن سمع فاحشة فأفشاها فهو كالذي أتاها " (2) " ومن اصطنع إلى أخيه معروفا فامتن به أحبط الله تعالى عمله، وأثبت وزره ولم يشكر له سعيه " (3).
وقال الشيخ زين الدين في رسالة الغيبة: " قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: كل المسلم على المسلم حرام، دمه وماله وعرضه. والغيبة: تناول العرض، وقد جمع بينه وبين المال والدم. وقال عليه السلام: لا تحاسدوا ولا تباغضوا ولا يغتب بعضكم بعضا، وكونوا - عباد الله - إخوانا وعن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: مررت ليلة أسري بي على قوم يخمشون وجوههم بأظافيرهم فقلت: يا جبرائيل من هؤلاء؟ قال: هؤلاء الذين يغتابون الناس ويقعون في أعراضهم وقال البراء: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حتى أسمع العواتق في بيوتهن. قال: يا معشر من آمن بلسانه ولم يؤمن بقلبه، لا تغتابوا المسلمين ولا تتبعوا عوراتهم، فإن من تتبع عورة أخيه تتبع الله عورته ومن تتبع الله عورته يفضحه ولو في جوف بيته " (4). إلى غير ذلك، وبالجملة عموم أدلة الغيبة. وخصوص ذكر المسلم يدل على التحريم مطلقا، وإن عرض المسلم كدمه وماله، فكما لا يجوز أخذ مال المخالف وقتله، ولا يجوز تناول عرضه الذي هو الغيبة، وذلك لا يدل على كونه مقبولا عند الله تعالى، لعدم جواز أخذ ماله وقتله، كما في الكافر. ولا يدل جواز لعنه في النص على جواز الغيبة، مع تلك الأدلة، بأن يقول: إنه قصير أو طويل أو أعمى أو أجذم أو أبرص وغير ذلك، وهو ظاهر. وأظن أني رأيت في قواعد الشهيد رحمه الله أنه يجوز غيبة المخالف، من حيث مذهبه ودينه الباطل وكونه فاسقا من تلك الجهة لا غير، مثل أن يقال أعمى ونحوه والله أعلم، ولا شك أن الاجتناب أحوط.