ولا يخفى ما فيه.
قيل: ولعل المراد بها أعم من كتب الأديان المنسوخة وكتب المخالف للحق، أصولا وفروعا، والأحاديث المعلوم كونها موضوعة، لا الأحاديث التي رواها الضعفاء، لمذهبهم ولفقههم مع احتمال الصدور، وحينئذ يجوز حفظ الصحاح الستة، غير الموضوع المعلوم كالأحاديث التي في كتبنا مع ضعف رواتها، لكونهم زيدية وفطحية وواقفية، ولا ينبغي الاعراض عن الأخبار النبوية، التي رواها العامة، فإنها ليست الأمثل ما ذكرنا.
أقول: لو كان الحكم المذكور منصوصا عليه، والعلة من النص ظاهرة، لأمكن استنباط الأحكام من النص، بما يناسب تلك العلة، ويناسب سياق النص، وأمكن التفريع على ذلك بما يقتضيه الحال من ذلك النص، وحيث إن الأمر ليس كذلك، فهذه التفريعات والتخريجات كلها إنما هي من قبيل الرمي في الظلام.
وقال المحقق المتقدم ذكره: ثم إن الظاهر أن الممنوع منه هو كتب الضلال فقط، لا مصنف المخالف في مذهبه مطلقا وإن وافق الحق، فتفاسير المخالفين ليست بممنوع منها إلا المواضع المخصوصة المعلوم بطلانها وفسادها من الدين، فإن الظاهر لا قصور في أصول فقههم إلا نادرا، إذ الحق هنا ما ثبت بالدليل وليس شئ هنا مقرر في الدين قد خولف، بل كتبهم في ذلك مثل كتبنا في نقل الخلاف واختيار ما هو المبرهن، وهو الحق وكذلك بيعها وسائر التكسب بها، على أنه يجوز كله للأغراض الصحيحة، بل قد يجب كالتقية والنقض والحجة واستنباط الفروع ونقلها ونقل أدلتها إلى كتبنا، وتحصيل القوة وملكة البحث على أهلها. انتهى.
أقول: والكلام هنا يجري على حسب حال ما قدمناه، فإن تخصيص المنع بالضلال فقط جيد لو كان ثمة دليل على حسب ما ذكروه، ولكنهم هنا إنما يبحثون على تقدير هذه العبارة التي قدمناها، وهي التي يذكرونها في هذا المقام، وقد عرفت أنه لا مستند لهم، من أخبارهم عليهم السلام.