والذي هو الحق: أن هذه الجملة حكاية عن الجملة الإنشائية التامة، فتكون هذه ناقصة حكائية، وتلك تامة محكية بها، وما لا يمكن الإخبار عنه هي التامة المحكية، لا الناقصة الحاكية عنها، فقوله تعالى: * (لا تفسدوا في الأرض) * في محل الرفع، لكونه نائبا عن الفاعل للفعل الذي لم يسم فاعله، وهو " قيل "، فافهم واغتنم. ثم إن جزم الفعل لأجل لا الناهية، وعلامته حذف النون في الجمع.
* (قالوا إنما نحن مصلحون) * جواب عن الشرطية، أو حكاية عن الواقعة الخارجية الماضية. ويؤيد الثاني حذف الفاء، فإنه دليل على أن هذه الجملة ليست في محل الجزاء للشرط، بخلاف قوله تعالى:
* (إذا جاء نصر الله) * * (فسبح بحمد ربك) * فإن الفعل الماضي هناك منع عن الماضوية، بخلافه هنا، فهذه الآية وأشباهها حكايات عن القضايا الخارجية الاتفاقية، وإن لم تكن بحسب المضمون مخصوصة بمنافقين معينين وأشخاص مخصوصين منهم، كما زعموا، والإشكال المذكور في الصدر يأتي هنا بجوابه وبقية تركيب الآية واضحة.
قوله تعالى: * (ألا إنهم...) * إلى آخره: في محل * (إنهم هم المفسدون) * أيضا خلاف، ذهب الجمهور إلى أنه منصوب على المفعولية لمفاد " ألا " التنبيهية.
والتحقيق: أنه لا محل له، لأن كلمة " ألا " تفيد المعنى الحرفي، فالجملة بعدها تامة ليست مؤولة إلى ناقص، حتى يكون لها محل من الإعراب، و " هم " ضمير عماد وفصل ومبتدأ، والجملة الأخيرة خبر ل " إن "، وقوله تعالى: * (ولكن) * عطف واستدراك وتأويله هكذا: ولكن هم لا يشعرون.