والحق في هذا النزاع: أن التركيب ليس من الأصول الصحيحة في الألفاظ، بل هو مجرد اجتهاد وإعمال ذوق، وإلا فكل لفظ مستعمل في معنى وحداني أو معنى مقيد، لوحظ وحدانيا بسيطا في الوضع، ويختص بوضع على حدة، مع أن المركبات ليست ذات وضع يخص بها، فكلمة " إنما " وأمثالها بسائط حسب البرهان والوجدان، ومجرد إمكان التحليل والتجزئة غير كاف للتصديق. هذا بحسب اللفظ.
وأما بحسب المعنى ففيه قولان: فالمشهور أنها لا تفيد إلا التأكيد، والمعروف بين المتأخرين أنها تفيد الحصر.
والحق: هو الأول، لعدم شهادة أهل اللغة واللسان، ولعدم الاطراد الذي هو دليل الحقيقة، كما في قوله تعالى: * (إنما أنت منذر) * (1)، وقوله:
* (إنما أنت منذر من يخشاها) * (2)، وقوله: * (إنما أنا بشر) * (3)، وغير ذلك لا يناسب الحصر، ولذلك ترى أن السيوطي في " الإتقان " لم يتعرض في ذيل قوله تعالى: * (أنما إلهكم إله واحد) * إلا إلى أن " إن " للتأكيد و " ما " كافة (4). فالمسألة بناء على هذا واضحة، وهكذا قررناه في الأصول (5).
ومن هنا يظهر ما في " أقرب الموارد " وغيره: من أنها ربما استعملت