بالواحدة، وهذه الكرات لا تنحصر بفرد، أو باعتبار قطعات منها، ولا سيما في الأرض، فإنها باعتبار القطعات تجمع بالضرورة، وهو ولو كان غلطا بحسب أصل اللغة، ولكنه صار صحيحا بعد كثرة الاستعمال، مع أن الأظهر أنها بحسب المعنى هي السفل والسافلة في قبال العلو والعالية، وأن العرب كانت تحس الكرات السماوية وتبصر بها، فوضعت بحذائها اللغات، بخلاف الأرض فلا تحس إلا جهة السفل، فوضعت حذائها هذه اللفظة، ثم أطلقت على الكرة، بعد القول بأن الأرض كرة من الكرات متحيرة في الفضاء كغيرها.
فتلك اللفظة من الألفاظ الموضوعة للأحداث أولا، ولأجله يصح جمعها باعتبار الأسافل، ثم انتقلت إلى استعمالها في الجواهر والأعيان والأشخاص، ثم بعد ذلك أطلقت على الكل ومجموع هذه الكرة، وعندئذ لا بأس بأن تطلق الأرض ويراد منها أرض البدن وأرض الاجتماع وأرض الأرواح والأشباح وغير ذلك، لاجتماع الكل في جهة السفل والله ولي التوفيق.
وغير خفي: أنه بالرغم من كثرة استعمالها في الكتاب الإلهي البالغ عدده إلى (461) تقريبا، لم يستعمل فيه جمعا وفيه إشارة إلى أن الجمع المذكور والجموع المشار إليها كلها خارجة عن أدب العرب أو غريبة في أذهان العرب الخلص.
ومما يؤيد ما ذكرناه في معنى الأرض: تقابل الأرض والسماء في الكتاب الإلهي وفي سائر الاستعمالات، مع أن السماء ليست من الجواهر والأعيان الخارجية.