الوجدان والتبادر، ولا سيما في الأفعال الناقصة التي لا معنى لها إلا إفادة الزمان، مثلا قولك: " كان زيد قائما " لو لم يكن يفيد الزمان السابق لما كان فيه الخير الكثير، كما لا يخفى.
وأما ما في " الأقرب " وغيره: من أنه يفيد وقوع الفعل وانقطاعه (1) كما عرفت، فهو خال عن التحصيل، بل هو يفيد حدوث الفعل في الأمس وأما الانقطاع واللاانقطاع فهو من توابع المادة، فما كان من قبيل الضرب والشتم فهو منقطع طبعا، وما كان من قبيل العلم والشرف فهو باق، فكلمة " كان " تدل على الزمان الذي وقع فيه الفعل وحدث، من غير دلالة على بقاء الحادث وزواله، فلاحظ واغتنم.
فبناء على هذا لا يصح ما اتفقوا عليه: من أن " كان " ربما تكون ناقصة، بل هي كلا ناقصة، لا أساس لتمامها، إلا إذا أريد منها التمام والنقص في الكلام، فما كان خبره مذكورا ومن غير أن يفيد الزمان الماضي المطلق فهو تام، وإلا فهو ناقص، فقولك: " كان زيد " تام، و " كان زيد في الأمس " ناقص، وأما إذا قيل: " كان زيد في الزمان الماضي " فهو تام، لأن الخبر مفاده، ويعد من التكرار، وإن كان بحسب المعنى والحقيقة ناقصا، لأنه إخبار عن الربط والنسبة دون أصل وجود المبتدأ، فلا تخلط.