الواردة في الجنب بالانزال إذا بال ولم يستبرئ على الأمر بالوضوء:
كقوله (عليه السلام) في صحيحة محمد بن مسلم (1): (وإن كان بال ثم اغتسل ثم وجد بللا فليس ينقض غسله ولكن عليه الوضوء...) وقوله (عليه السلام) في موثقة سماعة (2): (وإن كان بال قبل أن يغتسل فلا يعيد غسله ولكن يتوضأ ويستنجي) ومثلهما رواية معاوية بن ميسرة (3) ومقتضى الجمع حملها على عدم الاستبراء.
ويدل عليه أيضا قوله (عليه السلام) - في صحيحة ابن سنان (4) الآتية إن شاء الله في المبحث الثالث من الفصل الثاني من هذا المطلب -: (والودي فمنه الوضوء، لأنه يخرج من دريرة البول) بحمله على الخروج قبل الاستبراء، كما هو ظاهر الخبر، وللإجماع - نصا وفتوى - على عدم سببية الودي للوضوء كما يأتي بيانه إن شاء الله تعالى.
ويظهر من بعض فضلاء متأخري المتأخرين الميل - لولا الاجماع المدعى في المقام - إلى العمل باطلاق الخبرين المذكورين (5)، وحمل ما عارضهما من مفهوم روايات الاستبراء على الاستحباب، استضعافا لدلالة المفهوم وعدم ظهورها في الوجوب، وهكذا صحيحة ابن سنان أيضا حملها على الاستحباب. ولا يخفى وهنه.
والتحقيق أنه قد تعارض اطلاق صحيحتي عبد الله بن أبي يعفور وحريز (6) بعدم الوضوء بذلك البلل أعم من أن يكون مع الاستبراء وعدمه، واطلاق صحيحة ابن مسلم وروايتي سماعة ومعاوية بوجوب الوضوء بذلك البلل مطلقا أيضا.