وفيه نظر، فإن المستفاد من الآيات والأخبار التي قدمناها في المقدمة السابعة (1) أنه لا خصوصية في ذلك بصيغة (افعل) بل كل ما دل على الطلب وإرادة الفعل - سواء كان بالصيغة المشار إليها أم لا - فإنه للوجوب إلا مع قيام القرينة على خلافه.
وقال شيخنا البهائي (رحمه الله) في كتاب الحبل المتين بعد نقل صحيحة حفص:
(وقوله (عليه السلام) في الحديث التاسع: ينتره ثلاثا. مما استدل به الشيخ في الإستبصار على وجوب الاستبراء. والذي يظهر من آخر الحديث أن غرضه (عليه السلام) عدم انتقاض الوضوء بما يخرج من البلل بعد الاستبراء لا بيان كون الاستبراء واجبا) انتهى. لكنه (رحمه الله) كتب - في حاشية الكتاب على قوله:
مما استدل به الشيخ - ما صورته: (وهو يتوقف على كون المضارع المطلوب به الفعل كالأمر في الوجوب، والظاهر أنه كذلك) انتهى.
وظاهر المحقق الشيخ حسن في كتاب المعالم المناقشة في اسناد الوجوب إلى الشيخ مستندا إلى استعمال الشيخ لفظ الوجوب - في غير موضع - فيما هو أعم من الواجب والمندوب، ثم قال: (وكيف كان فالوجوب لا وجه له).
وأورد عليه أن هذا الاستعمال غير متعارف، ولعله كان في تلك المواضع مع القرينة، ولا قرينة هنا.
ومما يدل بظاهره على عدم الوجوب صحيحة جميل عن الصادق (عليه السلام) (2) قال: (إذا انقطعت درة فصب الماء).
قيل: وأقله إباحة تعقيب الصب للانقطاع بغير مهلة.
وفيه أن إفادة التعقيب بغير مهلة إنما هو للفاء العاطفة، وأما الفاء الجزائية فالأكثر على عدم إفادتها ذلك، لصحة قولنا: إن يسلم زيد فهو يدخل الجنة.