ووجه الجمع تقييد الاطلاق الأول بحالة الاستبراء، كما هو مدلول منطوق أخبار الاستبراء، وتقييد الاطلاق الثاني بحالة عدم الاستبراء، كما هو مفهوم تلك الأخبار، وعلى ذلك تجتمع الأخبار.
وأما ابقاء الاطلاق الأول بحاله - وحمل الوضوء في الاطلاق الثاني على الاستحباب وكذلك في المفهوم استضعافا لدلالته - ففيه (أولا) - أن قوله في صحيحة محمد بن مسلم (1): (عليه الوضوء) ظاهر في الوجوب، وكذا قوله في خبر معاوية بن ميسرة (2): (فليتوضأ).
و (ثانيا) - أن المفهوم هنا مفهوم شرط، وهو - مع ذهاب الأكثر إلى حجيته - معضود بدلالة الأخبار عليه أيضا، كما تقدم في المقدمة الثالثة (3) فلا ضعف في دلالة.
و (ثالثا) - أن ضعف الدليل ليس من قرائن الاستحباب كما تقدمت الإشارة إليه.
وأما ما ورد في رواية يونس (4) - قال: (كتب إليه رجل: هل يجب الوضوء مما خرج من الذكر بعد الاستبراء؟ فكتب: نعم) - فيتعين حمله على التقية، لموافقته لمذهب أكثر العامة (5) كما ذكره الشيخ في الإستبصار، ومخالفته لما عليه كافة علماء الفرقة الناجية ولأخبارهم.