بالشك في الزمن الثاني لأصالة بقاء ما كان، فيؤول إلى اجتماع الظن والشك في الزمن الواحد فيرجح الظن عليه كما هو مطرد في العبارات. انتهى، وحاصل كلامه (قدس سره) تغاير زماني الشك واليقين، كأن يتيقن في الماضي كونه متطهرا ثم يشك في المستقبل في كونه محدثا، فهذا الشك لا يرفع حكم اليقين السابق بل يستصحب ذلك الحكم السابق ويظن بقاءه إلى أن يتحقق الناقل.
وهو جيد إلا أن قوله: فيؤول إلى اجتماع الظن والشك... الخ " محل بحث، إذ عند ملاحظة ذلك الاستصحاب ينقلب أحد طرفي الشك ظنا والطرف الآخر وهما، فلم يجتمع الظن والشك في الزمان الواحد، كيف والشك في أحد النقيضين يرفع ظن الآخر كما يرفع يقينه، كذا أورده بعض محققي المتأخرين عليه.
وأجيب بأن المراد بالشك في هذا المقام ما قابل اليقين، كما تفهمه جملة الاستدراك في قوله في صحيحة زرارة المتقدمة: " ولكن ينقضه بيقين آخر " بل هذا المعنى هو الموافق لنص أهل اللغة، وأما اطلاقه على تساوي الاعتقادين فهو اصطلاح بعض أهل المعقول وحينئذ فالشك بالمعنى المذكور - وهو مطلق التجويز لكل من طرفي النسبة - لا انقلاب فيه عند ملاحظة ذلك الاستصحاب ولا رفع يقينه، ألا ترى أنه قال: " فيؤول إلى اجتماع الظن والشك " أي إلى اجتماع ظن طرفي النسبة وتجويز مخالفه، ولم يعبر بلفظ الانقلاب المؤدي إلى الانقلاب كما وقع في كلام المعترض. وهو جيد متين إلا أن فيه مناقشة من جهة أخرى سيأتي بيانها إن شاء الله تعالى.
وأجاب السيد السند في المدارك بحمل الحدث هنا على ما تترتب عليه الطهارة أعني نفس السبب لا الأثر الحاصل من ذلك، قال: " وتيقن حصوله بهذا المعنى لا ينافي الشك في وقوع الطهارة بعده وإن اتحد وقتهما " انتهى. وأنت خبير بأن مجرد الحمل على نفس السبب لا يحسم مادة الاشكال ما لم يعتبر تعدد زماني الشك واليقين أو تعدد زمان متعلقيهما.