وضوءك فأعد على ما تركت يقينا حتى تأتي على الوضوء " وهو - كما ترى - ظاهر الدلالة على أنه ما لم يفرغ من وضوئه فإنه يتلافى ما شك فيه.
وروى عبد الله بن أبي يعفور في الموثق عن أبي عبد الله (عليه السلام) (1) قال:
" إذا شككت في شئ من الوضوء وقد دخلت في غيره فليس شكك بشئ إنما الشك إذا كنت في شئ لم تجزه " وضمير غيره كما يحتمل رجوعه إلى الوضوء فيكون الحديث المذكور دالا على ما دلت عليه الصحيحة المذكورة كذلك يحتمل رجوعه إلى شئ، والظاهر أنه الأقرب بحسب السياق، وفيه حينئذ دلالة على عدم الرجوع إلى فعل مع الشك فيه بعد الدخول فيما يليه، ولا نعلم به قائلا من الأصحاب في هذا المقام، وعلى ذلك فيكون منافيا للصحيحة المتقدمة. وأظهر منه في المنافاة بذلك قوله (عليه السلام) في صحيحة زرارة (2): " إذا خرجت من شئ ثم دخلت في غيره فشكك ليس بشئ " وقوله (عليه السلام) في موثقة محمد بن مسلم (3): " كل ما شككت فيه مما قد مضى فامضه كما هو " وقوله في رواية أبي بصير (4): " كل شئ شك فيه مما قد جاوزه ودخل في غيره فليمض عليه " لصدق الشيئية على كل فعل من أفعال الوضوء وصدق الغيرية على كل منها بالنسبة إلى ما سواه، وقصر معنى الشئ في جميع هذه الأخبار على الوضوء مما لا يرام تجشمه، وبذلك يظهر المنافاة بين جملة هذه الأخبار وبين الصحيحة المتقدمة.
وربما يجاب بقصر الأخبار الثلاثة الأخيرة على موردها وهو الصلاة كما تضمنه صدر كل منهما من تعداد السؤال عن جملة من أفعال الصلاة، أو عمومها وتخصيصها بالصحيحة المتقدمة، ولعله أظهر لاستنادهم إلى العمل بالكلية المنصوصة فيها في مواضع عديدة غير الصلاة، وأما موثقة ابن أبي يعفور فيتعين حملها على المعنى الأول،