نعم لو اتفق ذلك في نية الصلاة بأن نوى الخروج أو فعل المنافي ولم يفعل، فهل يبطل ذلك الصلاة أم لا؟ قولان:
المشهور الثاني استنادا إلى أصالة الصحة، فالابطال يتوقف على الدليل، وليس فليس.
وقيل بالأول استنادا إلى أن الاستمرار على حكم النية السابقة واجب اجماعا، ومع نية الخروج أو التردد أو نية فعل المنافي يرتفع الاستمرار.
وأورد عليه أن وجوب الاستدامة أمر خارج عن حقيقة الصلاة، فلا يكون فواته مقتضيا لبطلانها، إذ المعتبر وقوع الصلاة بأسرها مع النية كيف حصلت، وقد اعترف الأصحاب بعدم بطلان ما مضى من الوضوء بنية القطع إذا جدد النية قبل فوات الموالاة. والحكم في المسألتين واحد. والفرق بينهما - بأن الصلاة عبادة واحدة لا يصح تفريق النية على أجزائها بخلاف الوضوء - ضعيف، فإنه دعوى مجردة عن الدليل. والمتجه تساويهما في الصحة مع تجديد النية لما بقي من الأفعال، لكن يعتبر في الصلاة عدم الاتيان بشئ من أفعالها الواجبة قبل تجديد النية، لعدم الاعتداد به، واستلزام إعادته الزيادة في الصلاة. هكذا حققه السيد السند (قدس سره) في المدارك.
وأنت خبير بأن المصلي متى كبر للاحرام ودخل في الصلاة فلا يخرج منها إلا بالتسليم أو التشهد، فجميع حالاته - من قيامه وقعوده وركوعه وسجوده وتشهده وما بينها حال الانتقال من أحدها إلى الآخر - كله من أجزاء الصلاة، فمع نية القطع والخروج أو نية فعل المنافي يلزم - البتة - وقوع جزء من أجزاء الصلاة بغير نية، ويلزم الخروج عن مقتضى النية السابقة. وتجديد النية الأولى - بعد مضي شطر من أجزاء الصلاة خاليا منها بل على نية تنافيها - لا يوجب نفعا في المقام ولا دفعا لذلك الالزام.
ومن ذلك ظهر الفرق بين الصلاة والوضوء، وبه يظهر رجحان القول الأول.
إلا أن لقائل أن يقول: إن المفهوم من الأخبار جواز ايقاع بعض الأفعال