عليه، وكان ذلك باعثا على صدور الفعل في هذا الزمان، والضرورة حاكمة أيضا بوقوع هذا الفرض عند ملاحظة حال الأفعال، فحينئذ يجوز أن يصدر الوضوء لغرض الامتثال والقربة باعتبار تصوره وتصور ذلك الغرض في الزمان السابق، فيلزم أن يكون ذلك الوضوء صحيحا أيضا، لما عرفت من عدم لزوم شئ على المكلف زائدا على هذا المعنى، فبطل القول بمقارنة النية لأول الأفعال " انتهى.
وهو جيد رشيق، وفيه تأكيد أكيد لما قدمناه في المقام الثاني من التحقيق.
وبالجملة فتجدد الذهول بعد قصد الفعل أولا وتصور داعيه الباعث عليه - لا يخرج تلك الأفعال الواقعة حال الذهول عن كونها بذلك القصد السابق. نعم لو كان أصل الدخول في الفعل بغير قصد بالكلية سهوا وغفلة فهذا هو الذي لا يعتد به اتفاقا، لما عرفت غير مرة من أن الفعل من حيث هو لا ينصرف إلى مادة ولا يحمل على فرد إلا بالقصد إليه هذا، وأنت إذا حققت النظر في المقام وسرحت بريد الفكر فيما ذكره الأقوام وجدت أن البحث في هذه المسألة ليس مما له مزيد فائدة سيما في الوضوء، وذلك لأن مجرد النية الثانية لا يترتب عليها أثر في الابطال عندهم.
وحينئذ فلا يخلو إما أن يأتي بشئ من تلك الأفعال بالنية الثانية أول ا، وعلى الثاني فإما أن يرجع إلى مقتضى النية السابقة قبل فوات الموالاة أو لا.
فعلى الأول يكون بطلان الفعل بما فعله بالنية الثانية، ويدخل في مسألة من أبطل عمله بأحد المبطلات، ولا خصوصية له بهذه المسألة.
وعلى الثالث يبطل الوضوء لفوات بعض واجباته التي هي الموالاة، ويرجع ذلك إلى مسألة الموالاة.
وعلى الثاني فإنه لا اشكال في الصحة عندهم، لعدم ثبوت كون مثل ذلك قادحا فيها، مع أنها الأصل.