في الموطأ كذلك قال ابن عبد البر هو من أحسن حديث روى في ذلك (قلت) وقد رواه عن هشام وهو ابن عروة جماعة من الحفاظ غير مالك كما سنشير إليه (قوله كان إذا اغتسل) أي شرع في الفعل ومن في قوله من الجنابة سببية (قوله بدأ فغسل يديه) يحتمل أن يكون غسلهما للتنظيف مما بهما من مستقذر وسيأتي في حديث ميمونة تقوية ذلك ويحتمل أن يكون هو الغسل المشروع عند القيام من النوم ويدل عليه زيادة ابن عيينة في هذا الحديث عن هشام قبل أن يدخلهما في الاناء رواه الشافعي والترمذي وزاد أيضا ثم يغسل فرجه وكذا لمسلم من رواية أبى معاوية ولابى داود من رواية حماد بن زيد كلاهما عن هشام وهى زيادة جليلة لأن بتقديم غسله يحصل الأمن من مسه في أثناء الغسل (قوله كما يتوضأ للصلاة) فيه احتراز عن الوضوء اللغوي ويحتمل أن يكون الابتداء بالوضوء قبل الغسل سنة مستقلة بحيث يجب غسل أعضاء الوضوء مع بقية الجسد في الغسل ويحتمل أن يكتفى بغسلها في الوضوء عن اعادته وعلى هذا فيحتاج إلى نية غسل الجنابة في أول عضو وانما قدم غسل أعضاء الوضوء تشريفا لها ولتحصل له صورة الطهارتين الصغرى والكبرى والى هذا جنح الداودي شارح المختصر من الشافعية فقال يقدم غسل أعضاء وضوئه على ترتيب الوضوء لكن بنية غسل الجنابة ونقل ابن بطال الاجماع على أن الوضوء لا يجب مع الغسل وهو مردود فقد ذهب جماعة منهم أبو ثور وداود وغيرهما إلى أن الغسل لا ينوب عن الوضوء للمحدث (قوله فيخلل بها) أي بأصابعه التي أدخلها في الماء ولمسلم ثم يأخذ الماء فيدخل أصابعه في أصول الشعر وللترمذي والنسائي من طريق ابن عيينة ثم يشرب شعره الماء (قوله أصول الشعر) وللكشميهني أصول شعره أي شعر رأسه ويدل عليه رواية حماد ابن سلمة عن هشام عند البيهقي يخلل بها شق رأسه الأيمن فيتبع بها أصول الشعر ثم يفعل بشق رأسه الأيسر كذلك وقال القاضي عياض احتج به بعضهم على تخليل شعر الجسد في الغسل اما لعموم قوله أصول الشعر واما بالقياس على شعر الرأس وفائدة التخليل ايصال الماء إلى الشعر والبشرة ومباشرة الشعر باليد ليحصل تعميمه بالماء وتأنيس البشرة لئلا يصيبها بالصب ما تتأذى به ثم هذا التخليل غير واجب اتفاقا الا إن كان الشعر ملبدا بشئ يحول بين الماء وبين الوصول إلى أصوله والله أعلم (قوله ثم يدخل) انما ذكره بلفظ المضارع وما قبله مذكور بلفظ الماضي وهو الأصل لإرادة استحضار صورة الحال للسامعين (قوله ثلاث غرف) بضم المعجمة وفتح الراء جمع غرفة وهى قدر ما يغرف من الماء بالكف وللكشميهني ثلاث غرفات وهو المشهور في جمع القلة وفيه استحباب التثليث في الغسل وقال النووي ولا نعلم فيه خلافا الا ما انفرد به الماوردي فإنه قال لا يستحب التكرار في الغسل (قلت) وكذا قال الشيخ أبو علي السنجي في شرح الفروع وكذا قال القرطبي وحمل التثليث في هذه الرواية على رواية القاسم عن عائشة الآتية قريبا فان مقتضاها ان كل غرفة كانت في جهة من جهات الرأس وسيأتى في آخر الكلام على حديث ميمونة زيادة في هذه المسئلة (قوله ثم يفيض) أي يسيل والإفاضة الإسالة واستدل به من لم يشترط الدلك وهو ظاهر وقال المازري لا حجة فيه لان أفاض بمعنى غسل والخلاف في الغسل قائم (قلت) ولا يخفى ما فيه والله أعلم وقال القاضي عياض لم يأت في شئ من الروايات في وضوء الغسل ذكر التكرار (قلت) بل ورد ذلك من طريق صحيحة أخرجها النسائي والبيهقي من رواية أبى سلمة عن
(٣١٠)