عائشة انها وصفت غسل رسول الله صلى الله عليه وسلم من الجنابة الحديث وفيه ثم يتمضمض ثلاثا ويستنشق ثلاثا ويغسل وجهه ثلاثا ويديه ثلاثا ثم يفيض على رأسه ثلاث (قوله على جلده كله) هذا التأكيد يدل على أنه عمم جميع جسده بالغسل بعدما تقدم وهو يؤيد الاحتمال الأول ان الوضوء سنة مستقلة قبل الغسل وعلى هذا فينوى المغتسل الوضوء إن كان محدثا والا فسنة الغسل واستدل بهذا الحديث على استحباب اكمال الوضوء قبل الغسل ولا يؤخر غسل الرجلين إلى فراغه وهو ظاهر من قولها كما يتوضأ للصلاة وهذا هو المحفوظ في حديث عائشة من هذا الوجه لكن رواه مسلم من رواية أبى معاوية عن هشام فقال في آخره ثم أفاض على سائر جسده ثم غسل رجليه وهذه الزيادة تفرد بها أبو معاوية دون أصحاب هشام قال البيهقي هي غريبة صحيحة (قلت) لكن في رواية أبى معاوية عن هشام مقال نعم له شاهد من رواية أبى سلمة عن عائشة أخرجه أبو داود الطيالسي فذكر حديث الغسل كما تقدم عند النسائي وزاد في آخره فإذا فرغ غسل رجليه فاما أن تحمل الروايات عن عائشة على أن المراد بقولها وضوءه للصلاة أي أكثره وهو ما سوى الرجلين أو يحمل على ظاهره ويستدل برواية أبى معاوية على جواز تفريق الوضوء ويحتمل أن يكون قوله في رواية أبى معاوية ثم غسل رجليه أي أعاد غسلهما لاستيعاب الغسل بعد إن كان غسلهما في الوضوء فيوافق قوله في حديث الباب ثم يقبض على جلده كله (قوله حدثنا محمد بن يوسف) هو الفريابي وسفيان هو الثوري وجزم الكرماني بان محمد بن يوسف هو البيكندي وسفيان هو ابن عيينة ولا أدرى من أين له ذلك (قوله وضوءه للصلاة غير رجليه) فيه التصريح بتأخير الرجلين في وضوء الغسل إلى آخره وهو مخالف لظاهر رواية عائشة ويمكن الجمع بينهما اما بحمل رواية عائشة على المجاز كما تقدم واما بحمله على حالة أخرى وبحسب اختلاف هاتين الحالتين اختلف نظر العلماء فذهب الجمهور إلى استحباب تأخير غسل الرجلين في الغسل وعن مالك إن كان المكان غير نظيف فالمستحب تأخيرهما والا فالتقديم وعند الشافعية في الأفضل قولان قال النووي أصحهما وأشهرهما ومختارهما انه يكمل وضوئه قال لان أكثر الروايات عن عائشة وميمونة كذلك انتهى كذا قال وليس في شئ من الروايات عنهما التصريح بذلك بل هي اما محتملة كرواية توضأ وضوءه للصلاة أو ظاهرة تأخيرهما كرواية أبى معاوية المتقدمة وشاهدها من طريق أبى سلمة ويوافقها أكثر الروايات عن ميمونة أو صريحة في تأخيرهما كحديث الباب وراويها مقدم في الحفظ والفقه على جميع من رواه عن الأعمش وقول من قال انما فعل ذلك مرة لبيان الجواز متعقب فان في رواية أحمد عن أبي معاوية عن الأعمش ما يدل على المواظبة ولفظه كان إذا اغتسل من الجنابة يبدأ فيغسل يديه ثم يفرغ بيمينه على شماله فيغسل فرجه فذكر الحديث وفى آخره ثم يتنحى فيغسل رجليه قال القرطبي الحكمة في تأخير غسل الرجلين ليحصل الافتتاح والاختتام بأعضاء الوضوء (قوله وغسل فرجه) فيه تقديم وتأخير لان غسل الفرج كان قبل الوضوء إذ الواو لا تقتضى الترتيب وقد بين ذلك ابن المبارك عن الثوري عند المصنف في باب الستر في الغسل فذكر أولا غسل اليدين ثم غسل الفرج ثم مسح يده بالحائط ثم الوضوء غير رجليه وأتى بثم الدالة على الترتيب في جميع ذلك (قوله هذه غسله) الإشارة إلى الافعال المذكورة أو التقدير هذه صفة غسله وللكشميهني هذا غسله وهو
(٣١١)