اجتهاد المجتهد إذا بذل وسعه ولا يخفى ما فيه (قوله وقال ابن أبي مريم) في رواية كريمة حدثنا ابن أبي مريم وفائدة ايراد هذا الاسناد ما فيه من التصريح بسماع حميد من أنس فامن من تدليسه وقوله بهذا أي اسنادا ومتنا فهو من رواية أنس عن عمر لا من رواية أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم وفائدة التعليق المذكور تصريح حميد بسماعه له من أنس وقد تعقبه بعضهم بان يحيى بن أيوب لم يحتج به البخاري وان خرج له في المتابعات (وأقول) وهذا من جملة المتابعات ولم ينفرد بحيى بن أيوب بالتصريح المذكور فقد أخرجه الإسماعيلي من رواية يوسف القاضي عن أبي الربيع الزهراني عن هشيم أخبرنا حميد حدثنا أنس والله أعلم (قوله بينا الناس بقباء) بالمد والصرف وهو الأشهر ويجوز فيه القصر وعدم الصرف وهو يذكر ويؤنث موضع معروف ظاهر المدينة والمراد هنا مسجد أهل قباء ففيه مجاز الحذف واللام في الناس للعهد الذهني والمراد أهل قباء ومن حضر معهم (قوله في صلاة الصبح) ولمسلم في صلاة الغداة وهو أحد أسمائها وقد نقل بعضهم كراهية تسميتها بذلك وهذا فيه مغايرة لحديث البراء المتقدم فان فيه انهم كانوا في صلاة العصر والجواب أن لا منافاة بين الخبرين لان الخبر وصل وقت العصر إلى من هو داخل المدينة وهم بنو حارثة وذلك في حديث البراء والآتي إليهم بذلك عباد بن بشر أو ابن نهيك كما تقدم ووصل الخبر وقت الصبح إلى من هو خارج المدينة وهم بنو عمرو بن عوف أهل قباء وذلك في حديث ابن عمر ولم يسم الآتي بذلك إليهم وإن كان ابن طاهر وغيره نقلوا أنه عباد بن بشر ففيه نظر لان ذلك انما ورد في حق بنى حارثة في صلاة العصر فإن كان ما نقلوا محفوظا فيحتمل أن يكون عباد أتى بنى حارثة أولا في وقت العصر ثم توجه إلى أهل قباء فاعلمهم بذلك في وقت الصبح ومما يدل على تعددهما ان مسلما روى من حديث أنس ان رجلا من بنى سلمة مروهم ركوع في صلاة الفجر فهذا موافق لرواية ابن عمر في تعيين الصلاة وبنو سلمة غير بنى حارثة (قوله قد أنزل عليه الليلة قرآن) فيه اطلاق الليلة على بعض اليوم الماضي والليلة التي تليه مجازا والتنكير في قوله قرآن لإرادة البعضية والمراد قوله قد نرى تقلب وجهك في السماء الآيات (قوله وقد أمر (فيه ان ما يؤمر به النبي صلى الله عليه وسلم يلزم أمته وان أفعاله يؤتسى بها كأقواله حتى يقوم دليل الخصوص (قوله فاستقبلوها) بفتح الموحدة للأكثر أي فتحولوا إلى جهة الكعبة وفاعل استقبلوها المخاطبون بذلك وهم أهل قباء وقوله وكانت وجوههم الخ تفسير من الراوي للتحول المذكور ويحتمل أن يكون فاعل استقبلوها النبي صلى الله عليه وسلم ومن معه وضمير وجوههم لهم أو لأهل قباء على الاحتمالين وفى رواية الأصيلي فاستقبلوها بكسر الموحدة بصيغة الامر ويأتي في ضمير وجوههم الاحتمالان المذكوران وعوده إلى أهل قباء أظهر ويرجح رواية الكسر انه عند المصنف في التفسير من رواية سليمان بن بلال عن عبد الله بن دينار في هذا الحديث بلفظ وقد أمر ان يستقبل الكعبة ألا فاستقبلوها فدخول حرف الاستفتاح يشعر بان الذي بعده أمر لا انه بقية الخبر الذي قبله والله أعلم ووقع بيان كيفية التحول في حديث ثويلة بنت أسلم عند ابن أبي حاتم وقد ذكرت بعضه قريبا وقالت فيه فتحول النساء مكان الرجال والرجال مكان النساء فصلينا السجدتين الباقيتين إلى البيت الحرام (قلت) وتصويره ان الامام تحول من مكانه في مقدم المسجد إلى مؤخر المسجد لان من استقبل الكعبة استدبر بيت المقدس وهو لو دار كما هو في مكانه
(٤٢٤)