فربما ظن ظان أنه تأوله على أنه نوع من الطيب يكون قبل الغسل لأنه لم يذكر في الترجمة غير هذا الحديث انتهى فجعل الحميدي كون البخاري أراد ذلك احتمالا أي ويحتمل انه أراد غير ذلك لكن لم يفصح به وقال القاضي عياض الحلاب والمحلب بكسر الميم اناء يملؤه قدر حلب الناقة وقيل المراد أي في هذا الحديث محلب الطيب وهو بفتح الميم قال وترجمة البخاري تدل على أنه التفت إلى التأويلين قال وقد رواه بعضهم في غير الصحيحين الجلاب بضم الجيم وتشديد اللام يشير إلى ما قاله الأزهري وقال النووي قد أنكر أبو عبيد الهروي على الأزهري ما قاله وقال القرطبي الحلاب بكسر المهملة لا يصح غيرها وقد وهم من ظنه من الطيب وكذا من قاله بضم الجيم انتهى وأما الطائفة الثالثة فقال المحب الطبري لم يرد البخاري بقوله الطيب ماله عرف طيب وانما أراد تطيب البدن بإزالة ما فيه من وسخ ودرن ونجاسة إن كانت وانما أراد بالحلاب الاناء الذي يغتسل منه يبدأ به فيوضع فيه ماء الغسل قال وأو في قوله أو الطيب بمعنى الواو وكذا ثبت في بعض الروايات كما ذكره الحميدي ومحصل ما ذكره أنه يحمله على اعداد ماء الغسل ثم الشروع في التنظيف قبل الشروع في الغسل وفى الحديث البداءة بشق الرأس لكونه أكثر شعثا من بقية البدن من أجل الشعر وقيل يحتمل أن يكون البخاري أراد الإشارة إلى ما روى عن ابن مسعود انه كان يغسل رأسه بخطمي ويكتفى بذلك في غسل الجنابة كما أخرجه ابن أبي شيبة وغيره عنه ورواه أبو داود مرفوعا عن عائشة باسناد ضعيف فكأنه يقول دل هذا الحديث على أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يستعمل الماء في غسل الجنابة ولم يثبت انه كان يقدم على ذلك شيئا مما ينقى البدن كالسدر وغيره ويقوى ذلك ما في معظم الروايات بالحلاب أو الطيب فقوله أو يدل على أن الطيب قسيم الحلاب فيحمل على أنه من غير جنسه وجميع من اعترض عليه حمله على أنه من جنسه فلذلك أشكل عليهم والمراد بالحلاب على هذا الماء الذي في الحلاب فاطلق على الحال اسم المحل مجازا وقال الكرماني يحتمل أن يكون أراد بالحلاب الاناء الذي فيه الطيب فالمعنى بدأ تارة بطلب ظرف الطيب وتارة بطلب نفس الطيب فدل حديث الباب على الأول دون الثاني انتهى وهو مستمد من كلام ابن بطال فإنه قال بعد حكايته لكلام الخطابي وأظن البخاري جعل الحلاب في هذه الترجمة ضربا من الطيب قال فإن كان ظن ذلك فقد وهم وانما الحلاب الاناء الذي كان فيه طيب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي كان يستعمله عند الغسل قال وفى الحديث الحض على استعمال الطيب عند الغسل تأسيا بالنبي صلى الله عليه وسلم انتهى كلامه فكأنه جعل قوله في الحديث فأخذ بكفه أي من الطيب الذي في الاناء فبدأ يشق رأسه الأيمن أي فطيبه إلى آخره ومحصله أن الصفة المذكورة في الحديث صفة التطيب لا الاغتسال وهو توجيه حسن بالنسبة لظاهر لفظ الرواية التي ساقها البخاري لكن من تأمل طرق الحديث كما قال الإسماعيلي عرف أن الصفة المذكورة للغسل لا للتطيب فروى الإسماعيلي من طريق مكي بن إبراهيم عن حنظلة في هذا الحديث كان يغتسل بقدح بدل قوله بحلاب وزاد فيه كان يغسل يديه ثم يغسل وجهه ثم يقول بيده ثلاث غرف الحديث وللجوزقي من طريق حمدان السلمي عن أبي عاصم اغتسل فاتى بحلاب فغسل شق رأسه الأيمن الحديث فقوله اغتسل ويغسل يدل على أنه اناء الماء لا اناء الطيب وأما رواية الإسماعيلي من طريق بندار عن أبي عاصم بلفظ كان إذا أراد أن يغتسل من الجنابة دعا
(٣١٨)