المؤمنين عليه السلام ووجدت على باب المسجد شيخا مسنا قد سقط حاجباه على عينيه من أكبر وقد تشنج وجهه متزرا ببرد متشحا بآخر وحوله جماعة يسألونه عن الحلال والحرام وهو يفتيهم على مذهب أمير المؤمنين عليه السلام فسألت من حضر عنده فقالوا: أبو حمزة الثمالي. فسلمت عليه وجلست إليه فسألني عن أمري فعرفته الحال ففرح بي وجذبني إليه وقبل بين عيني وقال: لو تجدب [خ ل:
تخرب نحرت تجرت] الدنيا ما وصل إلى هؤلاء حقوقهم وإنك ستصل بحرمتهم إلى جوارهم.
فسررت بكلامه وكان ذلك أول فائدة لقيتها بالعراق وجلست معهم أتحدث إذ فتح عينيه ونظر إلى البرية وقال: هل ترون ما أرى؟ فقلنا: وأي شئ رأيت؟
قال: أرى شخصا على ناقة. فنظرنا إلى الموضع فرأينا رجلا على جمل فأقبل فأناخ البعير وسلم علينا وجلس فسأله الشيخ وقال: من أين أقبلت؟ قال: من يثرب. قال: ما وراءك؟ قال: مات جعفر بن محمد عليهما السلام فانقطع ظهري نصفين و قلت لنفسي: إلى أن أمضي؟ فقال له أبو حمزة: إلى من أوصى؟ قال: إلى ثلاثة أولهم أبو جعفر المنصور وإلى ابنه عبد الله وإلى ابنه موسى.
فضحك أبو حمزة والتفت إلي وقال: لا تغتم فقد عرفت الامام. فقلت: وكيف أيها الشيخ؟!
فقال: أما وصيته إلى أبي جعفر المنصور فستر على الامام وأما وصيته إلى ابنه الأكبر والأصغر فقد بين عن عوار الأكبر ونص على الأصغر. فقلت: وما فقه ذلك؟ فقال: قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم (الإمامة في أكبر ولدك يا علي ما لم يكن ذا عاهة) فلما رأيناه قد أوصى إلى الأكبر والأصغر علمنا أنه قد بين عن عوار كبيره ونص على صغيره فسر إلى موسى فإنه صاحب الامر.
قال أبو جعفر: فودعت أمير المؤمنين وودعت أبا حمزة وسرت إلى المدينة وجعلت رحلي في بعض الخانات وقصدت مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وزرته و