وقت نزوع روحه وظهور ملك الموت له، وذلك أن ملك الموت يرد على المؤمن وهو في شدة علته وعظيم ضيق صدره بما يخلفه من أمواله وعياله وما هو عليه من اضطراب أحواله في معاطبه وعقباته وقد بقيت نفسه حزارتها، وانقطعت آماله فلم ينلها، فيقول له ملك الموت: مالك تجرع غصصك؟ فيقول: لاضطراب أحوالي وانقطاعي دون آمالي.
فيقول له ملك الموت: وهل يجزع عاقل من فقد درهم زائف وقد اعتاض منه بألف ألف ضعف الدنيا؟ (فيقول: لا)، فيقول له ملك الموت: فانظر فوقك، فينظر فيرى درجات الجنان وقصورها التي تقصر دونها الأماني، فيقول له ملك الموت:
هذه منازلك ونعمك وأموالك ومن كان من ذريتك صالحا فهو هناك معك، أفترضى به بدلا مما ههنا؟ فيقول: بلى، والله.
ثم يقول ملك الموت: انظر، فيرى محمدا وعليا والطيبين من آلهما في أعلى عليين، فيقول له: أو تراهم وهؤلاء سادتك وأئمتك؟ هم هنا جلاسك وآناسك، (أ) فما ترضى بهم بدلا مما تفارق هنا؟ فيقول: بلى وربي، وذلك ما قال الله تعالى: إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا و لا تحزنوا فما أمامكم من الأموال فقد كفيتموه، ولا تحزنوا على ما تخلفونه من الذراري والعيال والأموال، فهذا الذي شاهدتموه في الجنان بدل منهم، وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون، هذه منازلكم، وهؤلاء آناسكم وجلاسكم، ونحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة، ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها ما تدعون نزلا من غفور رحيم (1).
3 - قال الله تعالى: يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية