سكون النفس بعد انزعاجها واضطرابها، وهو مأخوذ من قولهم اطمأنت الأرض، وأرض مطمئنة إذا كانت فيه انخفاض يستقر فيها الماء إذا سال إليها - إلى أن قال - قوله تعالى حكاية عنه عليه السلام (ليطمئن قلبي) مطلق يدل على كون مطلوبه عليه السلام من هذا السؤال حصول الايمان المطلق وقطع منابت كل خطور قلبي وأعراقه).
وعن الفخر الرازي في (تفسيره الكبير) (1): (قوله تعالى: (قال بلى ولكن ليطمئن قلبي) قالوا: والمراد منه أن يزول عنه الخواطر التي تعرض للمستدل).
أيها القارئ العزيز! إذا سأل الخليل عليه السلام أن يريه الله عز وجل كيفية الاحياء حتى يحصل له الاطمينان ويرتفع عنه كل خطور الجنان يظهر لك أن في نفسه الشريفة حالات وخواطر وإلا كان سؤاله عليه السلام عن كيفية إحياء الموتى عبثا، فما تقول في هذه الخواطر والوساوس هل هي موجودة في أهل البيت: أو أذهبها الله عنهم كلها وطهرهم منها تطهيرا؟ فأنت إذا أمعنت النظر فيما سبق عرفت أن جميع أنواع الرجس مطلقا سواء كان عصيانا أو وسوسة أو اضطرابا أو شكا مدفوعة عنهم - صلوات الله عليهم أجمعين - فبهذا البيان ظهر فضله عليه السلام عليه عليه السلام بلا ريب.
نعم، بقي هنا شئ لازم أن نشير إليه وهو أن ما استفدناه من الآية - من أن في نفس الخليل عليه السلام أحوالا وخواطرا، وهي منتفية عن أهل البيت: - إنما يصح إذا كان مورد الاطمينان ومتعلقه في قوله عليه السلام إحياء الموتى، وأما إذا كان موضع الاطمينان الخلة كما جاءت في الرواية فلا، والرواية هذه: عن علي بن محمد بن الجهم قال: (حضرت مجلس المأمون وعنده الرضا عليه السلام، فقال له المأمون: يا بن رسول الله! أليس من قولك أن الأنبياء معصومون؟ قال عليه السلام: بلى، قال: فما معنى قول الله عز وجل: (وعصى آدم ربه فغوى (2) - إلى أن قال: - فأخبرني عن قول