البقعة المباركة من الشجرة أن يا موسى إني أنا الله رب العالمين * وأن ألق عصاك فلما رآها تهتز كأنها جان ولى مدبرا ولم يعقب يا موسى أقبل ولا تخف إنك من الآمنين * اسلك يدك في جيبك تخرج بيضاء من غير سوء واضمم إليك جناحك من الرهب فذانك برهانان من ربك إلى فرعون وملائه إنهم كانوا قوما فاسقين * قال رب إني قتلت منهم نفسا فأخاف أن يقتلون * (1) خلاصة الآيات: أن موسى - على نبينا وآله وعليه السلام - لما رجع من مدين مع أهله، وما معه من الغنم ضل الطريق، وبينما هو كذلك إذ رأى نارا تضئ عن بعد، فقال لأهله: انتظروا قليلا إني أبصرت نارا لعلي آتيكم منها بخبر الطريق أو آتيكم بقطعة من الحطب فيها نار لتستدفئوا بها من البرد، فلما جاء إلى النار التي أبصرها من جانب الطور ناداه ربه من الجانب الأيمن من الوادي: يا موسى! إني أنا الله رب العالمين، وأمره تعالى أن يلقي عصاه حتى يكون آية على نبوته من الله تعالى، فألقاها فصارت حية تسعى، فلما ورآها تتحرك وتضطرب كأنها جان من الحيات لسرعة عدوها وخفه حركتها خاف موسى عليه السلام وولى مدبرا ولم يرجع، فجاءه النداء من الله تعالى: يا موسى! أقبل ولا تخف مما تهرب منه، هي عصاك، إنما أردنا أن نريك آية لتكون عونك، يا موسى! أدخل يدك في جيب قميصك تخرج ولها شعاع يضئ من غير سوء ولا برص.
فلما خاف موسى عليه السلام من العصا تارة، ومن شعاع يده مرة أخرى، أمره ربه أن تضع يده على صدره ليزول ما به من الخوف والدهشة كما يشاهد من حال الطير إذا خاف نشر جناحيه، وإذا أمن ضمهما إليه. ثم قال عز وجل: يا موسى! فذانك برهانان، أي ما تقدم من جعل العصا حية، وخروج اليد بيضاء من غير سوء، وهما دليلان واضحان على قدرة ربك وصحة نبوتك، فبناء على ذلك فاذهب إلى