الأحياء لا أصل الأحياء، ونظير هذا أن يقول القائل: (كيف يحكم زيد في الناس)؟
وهو لا يشك أنه يحكم فيهم، ولو كان سائلا عن ثبوت الحكم يقول: (أيحكم زيد)؟ فالقائل في الأول لا شك له في أصل الحكم بل في كيفيته. وإنما سأل الخليل عليه السلام أن يشاهد كيفية جمع أجزاء الموتى بعد تفرقها وإيصال الأعصاب و الجلود بعد تمزقها.
قال شهاب الدين الآلوسي في تفسيره (روح المعاني (1): (يعجبني ما حرره بعض المحققين في هذا المقام وبسطه في الذب عن الخليل عليه السلام من الكلام، وهو أن السؤال لم يكن عن شك في أمر ديني - والعياذ بالله - ولكنه سؤال عن كيفية الأحياء ليحيط بها علما، وكيفية الاحياء لا يشترط في الأيمان الإحاطة بصورتها، و يدل على ذلك ورود السؤال بصيغة (كيف) موضوعها والسؤال عن الحال - إلى أن قال - ومعنى الطمأنينة حينئذ سكون القلب عن الجولان في كيفيات الأحياء المتحملة بظهور التصوير المشاهد، وعدم حصول هذه الطمأنينة قبل لا ينافي حصول الايمان بالقدرة على الاحياء على أكمل الوجوه، ولا أرى رؤية الكيفية زادت في إيمانه المطلوب منه عليه السلام شيئا وإنما أفادت أمرا لا يجب الايمان به.
ومن هنا تعلم أن عليا - كرم الله وجهه - لم يثبت لنفسه مرتبة في الأيمان أعلى من مرتبة الخليل فيه، بقوله عليه السلام: (لو كشف الغطاء ما ازددت يقينا) كما ظنه جهلة الشيعة وكثير من أصحابنا لما لم يقف على ما حررنا تجشم لدفع ما عسى أن يتوهم من كلامي الخليل والأمير من أفضلية الثاني على الأول (2).
وعن العلامة الطباطبائي رحمه الله في تفسير (الميزان (3): (والطمأنينة والاطمينان