في البر تجئ سباع البحر فتأكل ما في الماء، ثم ترجع فيشتمل بعضها على بعض فيأكل بعضها بعضا وتجئ سباع البر فتأكل منها فيشتمل بعضها على بعض فيأكل بعضها بعضها فعند ذلك تعجب إبراهيم مما رأي وقال: يا رب أرني كيف تحيي الموتى هذه أمم يأكل بعضها بعضا، قال: أو لم تؤمن! قال: بلى ولكن ليطمئن قلبي فتحيى حتى أرى هذا كما رأيت الأشياء كلها قال: خذ أربعة من الطير فقطعن وأخلطهن كما اختلطت هذه الجيفة في هذه السباع التي اكل بعضها بعضا، فاخلطهن ثم اجعل على كل جبل منهن جزء، ثم أدعهن يأتينك سعيا، فلما دعاهن أجبنه وكانت الجبال عشرة قال: وكانت الطيور الديك والحمامة والطاووس والغراب.
32 - أبي رحمه الله قال: حدثنا سعد بن عبد الله قال: حدثنا أحمد بن محمد ابن عيسى عن العباس بن معروف عن علي بن مهزيار عن الحسن بن سعيد عن علي ابن منصور عن كلثوم بن عبد المؤمن الحراني عن أبي عبد الله عليه السلام قال: أمر الله تعالى إبراهيم عليه السلام أن يحج ويحج بإسماعيل معه ويسكنه الحرم، قال: فحجا على جمل احمر ما معهما إلا جبرئيل، فلما بلغا الحرم، قال له جبرئيل (ع) يا إبراهيم انزلا فاغتسل قبل أن يدخل الحرم فنزلا واغتسلا وأراهما كيف يتهيئا للاحرام، ففعلا ثم أمرهما فأهلا بالحج وأمرهما بالتلبيات الأربع التي لبى بها المرسلون، ثم سار بهما حتى اتى بهما باب الصفا فنزلا عن البعير وقام جبرئيل بينهما فاستقبل البيت فكبر وكبرا، وحمد الله وحمدا، ومجد الله ومجدا، وأثنى عليه وفعل مثل ما فعل وتقدم جبرئيل وتقدما يثنون على الله ويمجدونه حتى انتهى بهما إلى موضع الحجر فاستلم جبرئيل وأمرهما أن يستلما وطاف بهما أسبوعا، ثم قام بهما في موضع مقام إبراهيم فصلى ركعتين وصليا، ثم أراهما المناسك وما يعملانه، فلما قضيا نسكهما أمر الله تعالى إبراهيم بالانصراف، وأقام إسماعيل وحده ما معه أحد غيره، فلما كان من قابل اذن الله تعالى لإبراهيم في الحج وبناء الكعبة، وكانت العرب تحج إليه وكان ردما إلا أن قواعده معروفة، فلما صدر الناس جمع إسماعيل الحجارة