مضافا إلى إجماع الشيخ المحكي في الخلاف على اعتبار الإمكان (1) وإن خالف الوصف، ويأتي لذلك مزيد بيان فيما بعد.
وثانيها: الشهرة المحكية في كلام الأصحاب على العمل بالقاعدة، وهي عاضدة للإجماع المحكي، ومرجحة للأخبار الدالة على هذه القاعدة، وهي محصلة، كما لا يخفى على من لاحظ عبائر الأصحاب.
وثالثها: أصالة الحيضية في دم النساء، وتقرير هذا الأصل يتم بوجوه:
أحدها: الغلبة، إذ لا شبهة في أن الغالب في الدم الخارج من المرأة إنما هو الحيض، والاستحاضة وغيرها نادر بالنسبة إليه، فالمشكوك فيه يلحق (2) بالغالب.
وثانيها: أنه دم طبيعي مخلوق بأصل الخلقة زائدا (3) على الدم المتكون في العروق، جعله الله تعالى لاستعداد الرحم ولغذاء الولد ما دام في الرحم، وبعد خروجه أيضا بصيرورته لبنا في ثدي أمه، وما عداه يحصل من عارض - من جرح أو قرح أو غير ذلك - وليس مجعولا ابتداءا، فيراد بالأصالة: الطبيعية، وكل ما عداه فهو خلاف الطبيعة، وكون الدم الخارج طبيعيا أرجح في النظر من كونه على خلاف مقتضى الطبيعة.
وثالثها: أنه لما كان ما عداه من الدماء يحصل لعلة حادثة، فمتى شك في ذلك فالأصل عدم حدوث هذه العلة، فينفي كونه غير الحيض بنفي علته بالأصل، فيصير حيضا لمكان الانحصار.
لا يقال: إن مرجع هذا إلى الوجه الثاني، نظرا إلى كون المناط فيهما الطبيعة وعدمها، فلا وجه لعدهما وجهين في تأسيس الأصل.
لأنا نقول: إن المراد من الوجه الأول ليس نفي العلة الحادثة، بل المراد بقاء الطبيعة على حالها، بمعنى: أن طبيعة المرأة لما علم كونها مما يتكون فيها الدم