خارجي لم يكن فرق بين إتلاف الأكثر والأقل، إذ في ما جعل عنوانا للحكم - كلفظ الحيوان أو البساط - كلاهما متساويان.
وأما لو قال: (لا تضرره) فليس كذلك، لأن الاسم حينئذ لا مدخل له، بل الموضوع المنهي عنه الضرر، وهو شئ سار في جميع أجزاء هذه الأفراد، وصادق على نقص كل جزء مالي من هذين الأمرين، بخلاف لفظ (الحيوان) و (البساط) فإن لفظهما لا يصدق على أجزائهما كما أو كيفا، ومقتضى ذلك المنع عن كل جزء جزء من المجموع المركب في الفرس والحمار، فإذا جاز أحدهما لضرورة لا يجوز ارتكاب الأزيد لعدم ضرورة.
فإن قلت: هذان في الحقيقة متباينان، لكون كل منهما متعلقا بشئ آخر، فلا دخل لذلك بمسألة الأقل والأكثر.
قلت: هذا اشتباه في موضوع، فإن الموضوع هو (الضرر) ولا كلام في خصوص الفردين، وهذان الفردان من الجهة التي نهي عنهما بها - وهي جهة الضررية - أقل وأكثر وإن كانا نوعين مختلفين. وأظهر في الاختلاف أكل تمرة وقتل بقرة، لكن الضرر الذي نهي عنه وجوده فيهما بطريق الأقل والأكثر، فالمقدار الزائد عن الأقل مع كون الجنس - بمعنى أصل الضررية - واحدا ارتكاب لضرر من دون داع إليه، وهو منفي بالنصوص المذكورة، وهذا الكلام إن شاء الله واضح عند من تدبر.
المقام الرابع: في تعارض الضررين بمعنى: دوران الأمر بين فعل شئ موجب للضرر على الغير وتركه الموجب للضرر على نفس المباشر.
ومنشأ الأشكال هنا تعارض قاعدة الضرر والضرار مع عموم ما دل على تسلط الناس على أملاكهم وأموالهم (1) ونظائر ذلك من عمومات الرخصة (2).