وثانيهما: ذلك اللازم، وهو الإتلاف والاجتماع والسماع.
ولما كان اللازم العقلي لا يترتب إلا على الموضوع الواقعي، إذ من المعلوم أن السماع لا يتحقق إلا مع وجود ذلك الشخص وراء الجدار في الواقع، لا بالاستصحاب التعبدي، وكذا الإتلاف فرع وجود النار واقعا لا استصحابا شرعيا، فإذا كان كذلك فالأصل لا يثبت ذلك اللازم العقلي، والحكم المعلق به يبقى مشكوكا مع الشك في وجود السبب، فلا يؤثر.
وبعبارة أخرى: الموضوع الظني التعبدي لا يلزمه الصفات النفس الأمرية حتى يترتب عليه الأحكام الموقوفة على تلك الصفات، وما نحن فيه من هذا القبيل، إذ الخيار حكم مترتب على تأخر البيع، لكن لا تأخره في نفسه بمعنى كونه في آن اليقين، بل بمعنى تأخره عن العيب، وتأخره عن العيب وإن ثبت بالأصل، لكن لا يترتب عليه حكم إلا إذا ثبت سبق العيب، لأن كون البيع في آن متأخر لا يوجب خيارا بالبديهة (1) بل مع انضمام تقدم عيب، وهو لازم عقلي له لا شرعي، فلو لم يكن البيع في الواقع مؤخرا لا يكون العيب في الواقع مقدما، ومتى لم يثبت التقدم الواقعي المعلق عليه الحكم، فلا خيار في البين.
نعم، لو ترتب حكم على تأخر البيع نفسه كانقضاء خيار الحيوان - مثلا - أو خيار الشرط أو أجل السلم ونحو ذلك، فيترتب عليه، لأن نفس الحكم بكون البيع في يوم الخميس مستلزم لبقاء خيار الحيوان إلى يوم السبت، بخلاف خيار العيب، لتوقفه مع ذلك على تقدم العيب على البيع في نفس الأمر، لا على يوم الخميس المتيقن.
وهذا هو السر في إعراضهم عن أصالة التأخر في مثل المقام.
وهنا كلام، وهو: أن الموضوع إذا حصل الظن به بالأدلة المتلقاة من الشارع المعتبرة عنده - كالاستصحاب مثلا - فإذا شككنا في الخمر المعلوم خمريته