ويرد على الأول ما أوردناه على ما في العوائد، فإنه مأخوذ من ذلك نقضا وحلا.
وعلى الثاني أن هذا مخالف لما نرى من طريقة الفقهاء من تمسكهم بهذه العمومات في مقابل الدليل، ولا يجعلونها جارية مجرى أصل البراءة، مع أنه لا ينفع حينئذ في شئ، إذ كل تكليف مشكوك منفي، سواء كان عسرا أو حرجا أو غيرهما.
والذي يقتضيه النظر في بعض أجزاء كلامه أن يكون مراده: عدم كون ما هو ثابت في التكاليف عسرا وحرجا، بمعنى: أن التكليف لا بد أن يكون فيه مشقة وكلفة، لكن المقدار الموجود في هذه التكاليف بالنظر إلى متعارف الأوساط ليس بعسر ولا حرج.
وفي هذا المعنى قال العلامة الطباطبائي: وأما ما ورد في هذه الشريعة من التكاليف الشديدة - كالحج والجهاد والزكاة بالنسبة إلى بعض الناس، والدية على العاقلة ونحوها - فليس شئ منها من الحرج في شئ، فإن العادة قاضية بوقوع مثلها، والناس يرتكبون مثل ذلك من دون تكليف ومن دون عوض - كالمحارب للحمية أو بعوض يسير - كما إذا أعطي على ذلك اجرة، فإنا نرى أن كثيرا يفعلون ذلك بشئ يسير. وبالجملة: فما جرت العادة بالإتيان بمثله والمسامحة [فيه] (1) وإن كان عظيما في نفسه - كبذل النفس والمال [الكثير] (2) - فليس ذلك من الحرج في شئ. نعم، تعذيب النفس وتحريم المباحات والمنع عن جميع المشتبهات (3) أو نوع منها على الدوام حرج وضيق، ومثله منتف في الشرع (4). هذا كلامه رفع في الخلد مقامه.