تنبيهات:
أحدها: أنه قد عرفت أن فتوى الفقيه أدرجناها تحت بلوغ الثواب في الأخبار، والبلوغ الالتزامي أدخلناه كالمطابقي، والثواب الحاصل في الترك في المكروه والحرام أدخلناه تحت الثواب على العمل مع الأشكال فيه في مقامين.
وعلى هذا فيمكن في صور التعارض أن يقول أحد بتقديم الخبر على فتوى الفقيه، فلو دل الأول على الندب والثاني على الكراهة يقدم الأول، لأن دخوله تحت أخبار المسامحة واضح، دون الثاني. وبتقديم البلوغ المطابقي على الالتزامي والثواب على الفعل على الثواب على الترك.
ويقع الأشكال في تعارض الجهتين، كما إذا دل الخبر بالكراهة وأفتى الفقيه بالندب، فإن الأول وإن كان من الأفراد الظاهرة للبلوغ، لكنه ترك لا فعل، التزام وتأويل لا صريح، والثاني وإن كان من الأفراد الخفية للبلوغ، لكنه فرد ظاهر للعمل وظاهر في بلوغ الثواب، فيحتاج إلى الترجيح.
ولكنا في الصور السابقة سكتنا عن هذه الجهة بعد البناء على دخول الكل تحت قاعدة المسامحة.
وثانيها: أن المسامحة هل تجري في صورة ضعف الدليل من حيث الدلالة، أو تختص بضعف السند؟
والظاهر: أن المدرك إن كان الأخبار فلا يجري المسامحة فيه، إذ ما لم يظهر الدلالة لا يصدق عليه أنه مما بلغ في فعله أو تركه ثواب، فلا يجئ المسامحة.
وإن كان المنشأ الاحتياط العقلي فالشك كاف في ذلك، والوجه قد اتضح مما مر.
وثالثها: أنك قد عرفت أن أخبار المسامحة يعارضها المنع عن العمل بخبر الفاسق، ولكنا قدمناها على دليل المنع، بتقريب: أنه أخص مطلقا من عموم دليل المنع.