ولو قلنا بلزوم الاحتياط لقلنا بتعين الترك، لكن لا نقول به كما زعمه الأخباريون.
وسادسها: الدوران بين الوجوب والندب بالصور المتقدمة.
ولا خفاء هنا في أن المسامحة قاضية بالندب، سواء قررت الدليل من دليل الوجوب كما في الإباحة والوجوب، أو من دليل الندب كما في الإباحة والندب، بل في صورة ما لو كان الدليلان معتبرين متعارضين يمكن أن يقال: إن ثبوت الرجحان إنما هو بالدليل المعتبر، لا للمسامحة، والأمر سهل.
وسابعها: الدوران بين الوجوب والكراهة بصورها السابقة.
والظاهر عدم الأشكال في عدم الحكم بالكراهة، لاحتمال الحرمة الأصلية في الترك، وإنما البحث في الحكم بالندب، وفيه قولان:
أحدهما: ذلك، نظرا إلى دوران الأمر بين الترك المحتمل للعقاب والضرر والفعل المرجوح الذي لا عقاب فيه، ولا ريب أن العقل هنا يرجح الفعل على الترك، فقاعدة الاحتياط عقلا أو شرعا قاضية بالرجحان في الفعل، لكن إدراجه تحت الأخبار مشكل، لأن المشكوك مما بلغ ثواب على فعله وبلغ ثواب على تركه، ففي جهة الخبر لا ترجيح. نعم، الرجحان من جهة احتمال العقاب في الأول دون الثاني.
ويمكن أن يقال في إدراجه تحت الأخبار: بأن الثواب على فعل الواجب أزيد من الثواب على ترك المكروه بلا شبهة، فالمقداران المتساويان في الجانبين يتعارضان ويتساقطان، ويبقى الثواب الزائد الذي بلغنا في الفعل خاليا عن المعارض، وهو يثبت الاستحباب بمدلول الأخبار المتقدمة، فتدبر جدا.
وثانيهما: عدم ثبوت الندب، بتقريب: أن الوجوب بمعنى العقاب على الترك منفي بالأصل، ولازم ذلك بقاء الكراهة بلا معارض أصلا، فليحكم بالكراهة، أو الكراهة مع الاستحباب، فيدخل تحت محتمل الكراهة والندب، وقد قررت أن