للحكم ابتداءا، فالفرض أن القرعة ليس بمخطئ، بل إما كاشف عن الواقع لو كان أحدهما معينا في الواقع، أو مثبت ابتداءا، لو لم يكن كذلك، وكلاهما متبع.
نعم، هل يستفاد منه أن في صورة تعين الواقع لو أخرجت القرعة خلافه يتبع فيكون كالجعل الابتدائي، أولا، بل الظاهر أن القرعة في هذا المقام لا تخرج إلا الواقع؟ وجهان، والظاهر من قرينة السؤال: الثاني، لأن غرض السائل من الإصابة والخطأ إبراز الواقع وعدمه، لا أنه لو فرض حكم الله بخلاف ما كان معينا قبل القرعة في الواقع لكان هذا خطأ، فيكون قوله عليه السلام: (ليس بمخطئ) أنه لا يقع كذلك، بل لا يخرج إلا نفس الواقع.
مع احتمال أن يقال: إن المراد في الجواب تنبيه السائل على أن إصابة الواقع والعدم لا دخل له في الخطأ والصواب، بل الميزان في الصواب والخطأ حكم الله، فكل ما حكم به الله تعالى هو الصواب، ولا دخل لكون شئ معينا في نظرنا في ذلك، فتأمل (1) ويصير الحاصل: أن حكم الله يكشف عن تعين خلافه.
وهل القرعة وظيفة الأمام خاصة، أو تعم كل أحد؟ وجهان: مقتضى إطلاق رواية ابن حكيم: الثاني (2) وكذلك ظاهر ما في المرسل (3).
وما في كلام ابن داود عن علي عليه السلام (4) وما في صحيحة أبي بصير عن النبي صلى الله عليه وآله (5) ومرسلة عاصم (6) وفي كلام زرارة للطيار: (ما من قو م فوضوا أمرهم إلى الله ثم أقرعوا إلا خرج سهم المحق) (7) عموم جواز الإقراع لكل أحد.
ودعوى: أن رواية ابن حكيم مسوقة لأصل شرعية القرعة، وهذه الروايات لبيان إصابتها الواقع ولا ينافي كون المقارعة عند الأمام وبنظره، مدفوعة بأن ظاهر النصوص - كما لا يخفى على من لاحظها - يأبى عن ذلك.