وأكثر ما يتخيل جواز قطعه - كالوضوء والغسل ونحو ذلك - مشكوك لا نسلم جواز القطع فيه.
وما يتخيل من القطع في المستحبات - كالأذكار والأدعية وقراءة القرآن والزيارات ونحو ذلك - فنجيب عنها بأن المراد: عدم إبطال ما هو عمل واحد، فإن الأبطال إنما هو في الواحد، وهذه كلها نقول: إن أجزاءها ليست ارتباطية وإنما هي مستقلة، وإن كان المجموع المركب أيضا عبادة فليس ذلك قطعا وإنما هو اقتصار على بعض الأفراد، ولو فرض كون واحد منها ارتباطيا منعنا من قطعه وإبطاله إلا لعذر دل عليه الدليل.
فإن قلت: قد ورد المنع عن الأبطال بالرياء والمنة والأذى وغير ذلك، فيكون قرينة على كون المراد هنا أيضا ذلك، لا محض الأبطال، فيحمل على الأبطال بالشرك والارتداد أو العجب ونحو ذلك.
قلت: أما أولا: فإن الآية مطلقة، وورود القيد في مقام آخر لا يوجب تقيد (1) إطلاق المنع عن الأبطال هنا.
وثانيا: أن هذا حمل للآية الشريفة على ما لا يقول به الأمامية، فإن الإحباط - بمعنى أن تكون المعصية، كالمن والأذى وغير ذلك، إذا لحقت على (2) العمل مبطلة له - لا يقول به أصحابنا، إذ الإحباط له معان ثلاثة:
أحدها: ما ذكرناه. وهو لا نقول به.
وثانيها: طرح العمل الصالح في مقابل السيئة، بمعنى عدم احتسابها وكتابتها سنخا (3) فقد يكون الرجل له ألف حسنة وألف سيئة فيطرحان فيبقى بلا عمل مطلقا، أو يزيد أحدهما فيؤخذ الزائد، إن خيرا فخير وإن شرا فشر. وهذا أيضا لا نقول به، بل لا بد من مكافاة الأعمال، شرها بالعقاب وخيرها بالثواب، لا طرح