كل في قبال الاخر وفرضه بلا عمل بحيث لا يكون عليه ثواب ولا عقاب.
وثالثها: حبط السيئات بالحسنات بمعنى العفو عنها، أو تبديلها حسنات، كما دل عليه الكتاب المجيد (1). وهو الذي نقول به.
وأما العمل الصالح فلا حبط له على مقتضى قواعد الأمامية، ولتحقيق المقام محل آخر.
فحمل الآية على الإحباط لا وجه له، وليس ذلك في الحقيقة إبطالا أيضا، وإلا للزم القضاء والأداء ثانيا في الماليات وغيرها بلحوق المنة أو الأذية أو الارتداد، مع أن أصحابنا مطبقون على خلافه، كما لا يخفى على من له اطلاع بالفقه.
فإن قلت: إبطال العمل فرع تحققه والقطع في الأثناء ليس إبطالا وإنما هو لجزء العمل، فلا دلالة فيه على مطلوبك.
قلت: إبطال العمل عرفا يصدق على ذلك، بل ليس معنى الأبطال إلا عدم الإتمام، مضافا إلى أن البطلان: عدم ترتب الثمرة، والفعل بعد تمامه على وجهه يترتب عليه الثمرة، وليس ذلك بعد في قدرة المكلف، وليس إبطال المكلف إلا منعه عن التمام حتى يلحقه الثمرة.
وبالجملة: لا شبهة في صدق الأبطال على القطع في الأثناء.
ويمكن أن يستدل في هذا المقام بعموم ما دل على لزوم الوفاء بالعهد، كقوله تعالى: وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم (2) بتقريب: أن نية العبادة عهد مع الله تعالى في إتيانها عرفا، فيشمله العموم، وحيث إن المعتبر في العهد إنما هو التأكد (3) فهو أخص من الوعد، ولذا لا نقول بوجوب الإتيان بكل خير منوي،