واجتماع المعرفات الكثيرة لموجود ذهني واحد جائز، إذ لا دليل على امتناعه.
فإن قلت: ليس الوجود في الذهن إلا كالوجود في الخارج، فإن كان مستندا إلى معرف واحد فيلزم عدم كون الاخر معرفا، وحقيقة المعرف ينحل إلى أنه علة تامة في التعريف، فإذا حصل ولم يفد الوجود الذهني فقد تخلف عن معلوله. وإن كان مستندا إلى كليهما لزم عدم كون شئ منهما معرفا مستقلا، أو تخلف معلولهما عنهما معا، وكلاهما باطلان.
وكما أن إيجاد الموجود الخارجي في الخارج محال، فكذلك إيجاد الموجود الذهني في الذهن محال، لأنه تعريف للمعروف، وكل ذلك مشترك في لزوم تحصيل الحاصل.
وبالجملة: الفرق بين (العلة) و (المعرف) غير واضح.
قال الفاضل المعاصر في عوائده في ضمن كلام له: فرق بين الموجود الخارجي والذهني، حيث إنه لا يمكن صيرورة الشيئين (1) في الخارج شيئا واحدا، بخلاف الموجود الذهني، فإنه يصير ألف موجود ذهني موجودا واحدا، بمعنى: تطابق موجود واحد في الذهن لألف موجود خارجي، فإن الذهن ينتزع من كل من ألف موجود صورة ذهنية كلها منطبقة على موجود ذهني واحد، كالسواد المنتزع من جميع أفراده، ولذا ترى أنه يبطل دليل واحد مما استدل عليه بأدلة كثيرة، ولا يبطل المدلول، بل هو بعينه باق على ما كان، فيستفاد من كل معرف موجود ذهني ويتطابق جميع تلك الموجودات ويتحد في الذهن. وهذا هو المراد من اجتماع المعرفات على أمر واحد، وظاهر أن هذا أمر جائز (2).
أقول: ظاهر الإيراد أن المعرف إذا كان علة للوجود الذهني فمتى ما تحقق