معاونا على الإثم والعدوان، فإن الآلات والأسباب كلها من الله تبارك وتعالى، وليس من العبد إلا العزم والقصد والعمل..
فليس إلا أن يقال: إن تهيئة الأسباب والآلات - كما هو شغل الصانعين - ليس إعانة على الظلم في حد ذاته، بل هو عمل مباح، والظالم هو مكلف بالترك، وليس صانع السيف أو باني الدار ومن خاط الثوب أو من عمل المداد أو من أتى بالقلم من بلاد بعيدة أو من باعه إليهم (1) أو من آجر الدار أو الدابة لشارب الخمر أو من باع إليه (2) العنب أو أعطى الخشب لمن يعمل صنما - أو نظائر ذلك - إعانة في حد أنفسها، والضابط في ذلك أحد أمرين:
أحدهما: القصد والنية، فكل من عمل أو باع أو آجر أو قام أو قعد أو صدر عنه فعل من الأفعال بقصد ترتب ظلم أو معصية عليه بحيث بنى نيته عليه سواء شرط ذلك بلسانه أم لا، يعد إعانة للإثم ولو كان بواسطة أو وسائط، وذلك أمر في العرف واضح.
فمن بنى لنفسه دكانا بعنوان أنه لو احتاج إلى ذلك الخمارون يؤجره إياهم حتى لا يكون سببا لتعطيل شغلهم، كان أصل بنائه إعانة للإثم وإن كان لا ينتهي إلى المعصية إلا بوسائط.
وكذلك من صير نفسه خادما لسلطان بقصد أنه لو أمره بالظلم يفعله أو بقصد أن يصير سببا لشوكة سلطانه وكثرة سواده وقوة أمره، فقد أعان على الإثم وإن لم يصدر من الخادم فعل بعد ذلك.
وثانيهما: قرب العمل من الإعانة وتمحضه لذلك بحيث يعد إعانة وإن لم يكن قاصدا، كما مر نظيره في التعظيم والإهانة.
وليس كما توهمه بعضهم: أن الإعانة تابعة للقصد مطلقا. نعم، يعتبر ذلك في المشتركات