وأما (1) البحث في القضاء وعدمه، فهنا مباحث أربع:
الأول: فيمن علم قطعا وعمل به وانكشف خلافه، أو زال العلم وحصل الشك، ففيه صور:
إحداها: صورة طريان الشك في أنها كانت مطابقة أم لا.
والحق في هذه الصورة عدم العبرة بهذا الشك، لأنه شك بعد الفراغ، وقد تقدم في العناوين السابقة أدلة دالة على عدم الالتفات إليه (2). هذا بالنسبة إلى ما مضى.
وأما بالنسبة إلى ما يأتي، فيجب تحصيل الاطمئنان والاعتقاد المعتبر على (3) الصحة حتى يمكن قصد التقرب، وذلك واضح. ومع عدم الإمكان في تحصيل الاعتقاد من تقليد أو اجتهاد، ففي استصحاب حكم العلم السابق أو لزوم الاحتياط وجهان.
وثانيتها: حصول الظن بالمخالفة.
والحق: أن هذا أيضا لا عبرة به، إما لأنه من أفراد الشك اللغوي فيندرج تحت أدلة الشك بعد الفراغ، فلا يلتفت إليه. وإما لأن الظن غير مانع عن الاحتمال، فاحتمال المطابقة باق، وقد كان في وقت العمل معتقدا للصحة قاطعا بها، ولا يعارض هذا الظن لذلك القطع وقت العمل، وتقديم هذا على ذلك ترجيح للظن على العلم، فإجراء حكم العلم بالنسبة إلى ما مضى أقوى من إجراء حكم هذا الظن، مضافا إلى أن هذا الظن وإن حصل من طريق معتبر - كالاجتهاد - غاية ما ثبت اعتباره بالنسبة إلى ما بعده من الأعمال، وأما بالنسبة إلى ما مضى مع صحته عند العمل فلا دليل عليه. مع أن العلم السابق حجة، ومقتضاه إجراء ما فعل على طبقه، ولم يعلم كونه مخالفا للواقع. وهذا الظن بالخلاف محتمل للخلاف، بخلاف ذلك العلم، بل احتمال الخطأ في هذا الظن أقوى منه في ذلك العلم، فلا وجه