كاشفة عما ثبت في اللوح المحفوظ، مثلا مثل إخبار مخبر عن وقوع حادثة ونحوه، وهذا لا يجتمع مع قولهم: إن لحق ذلك اللاحق - كالإجازة مثلا - كشف عن صحته وإن لم يلحق كشف عن بطلانه، لأن كل شئ لم يوجد بعد في الخارج فهو قابل للوجود والعدم، ويمحو الله ما يشاء ويثبت. وليس شئ مما لم يقع لازم الوقوع على الله تعالى، أو على غيره من الفاعل المختار مع اختياره، فيجوز له أن يوقعه ويجوز أن لا يوقعه، فهو في هذا الحال متساوي الاحتمالين. فإذا كان العقد - مثلا - يتوقف صحة وفسادا على هذا ينبغي أن يكون العقد أيضا متزلزلا في الواقع، محتملا للصحة والفساد، والمضي والعدم، ونحو ذلك غيره من الأمثلة التي ذكرناها، إذ الموقوف على الممكن ممكن، فكيف يعقل أن يقال: إن العقد من حين وقوعه مضى على حالة واحدة معينة لا نعرفه إلا بحال الإجازة؟ مع أن الإجازة قابلة للأمرين غير لازمة في أحد طرفيها حتى في علم الله تعالى، فإن علم الله تعالى لا يقلب الممكن واجبا، وإلا لزم الجبر الذي ذكره الأشاعرة.
ولا يمكن قياس ذلك على سائر الكواشف، فإن الواقع فيها لا يدور مدار كاشفه، فإن الأخبار عن موت زيد كاشف عنه، وهو لو كان في الواقع ميتا لا يفترق الحال بين أن يوجد الكاشف أو لا يوجد، وبين أن يجئ الكاشف على طبقه أو خلافه، وكذا لو لم يكن ميتا. فتسمية ذلك كاشفا إنما هو مغالطة صرفة، ولا يجتمع القول بتوقف وقوع الصحة والبطلان في أول الأمر على لحوق الأذن القابل للاحتمالين وعدمه مع القول بوقوع أحدهما في العقد من أول الأمر، وإن هذا إلا تناقض صرف.
ويحتمل القول بالكشف - بذلك المعنى الذي قررناه أولا - لأن الظاهر من الأمر الحادث في كل الفروض إنما هو تغيره من أول الأمر، فيدل على كون ذلك في الواقع كذلك.
بيانه: أن ما دل على توقف صوم المستحاضة على الغسل وحيضية أيام