بفصل مخل، أو انقلاب الداعي من التقرب إلى غيره.
وهذا هو الضابط في هذا الباب، وإلا فكلمة الأصحاب مما لا يكاد يلتئم في هذا المقام، فعليك بالتأمل التام.
ولو نوى جزءا من أجزاء العمل لغيره أو خارجا عن العمل وقصده عبثا أو لأمر خارج فهو خارج عن العبادة، لعدم كون داعيه التقرب، فإن كان العمل مما يبطل بمثل ذلك الفاصل بطل، وإلا أتى بذلك الجزء مرة ثانية لأصل العمل.
ومن هنا يعلم: أن من قصد الرياء بجزء من أجزاء عبادته بطل ذلك الجزء ويعيده مرة أخرى بالإخلاص، ويصح عمله، فتدبر فإن المقام من مزالق الأقدام للأعلام.
وسادسها: أنه يعتبر في النية تعيين المنوي بمشخصاته ومميزاته: من جنسه ونوعه وصنفه وشخصه.
وتوضيحه: أنه لو كان ذلك العمل الصادر من المكلف قابلا في الواقع لاحتمالات، مثل كونه أداءا أو قضاءا، مندوبا أو واجبا، أصالة أو نيابة، ظهرا أو عصرا، ونحوها من الأمور المحتملة - ويجري هذا الاحتمال في كثير من العبادات بل كلها - فإنها قابلة للصدور على وجوه كثيرة وأنواع وأصناف وأشخاص، فإذا كان كذلك فلا بد من توجه القصد للمكلف إلى أحد هذه الأمور بعينه بحيث يتعين ولا يمكن صرفه إلى شئ آخر، فلو لم يعين كذلك بطل، سواء أطلق أو قصد المردد بين المحتملات.
والوجه في ذلك: أن بعد حصوله لا يحسب على الاثنين جزما، لأنه واحد، ولا على واحد بعينه، لأنه ترجيح من دون مرجح، ولا على واحد مردد، لأن المردد ليس مأمورا به، وإنما المكلف به الخصوصيات والعنوانات التي تعلق بها التكليف. وليس غرضي من الخصوصيات الأشخاص، بل خصوص ما تعلق به الخطابات، وإنما البحث فيما يحصل به التعيين.