التخير (1) من دون إبطال ولا ارتكاب مناف من خارج فيتعين، مضافا إلى أنا ندعي أن نفس قاعدة الضرر تدل على لزوم رفعه على المضر، وينصرف إلى ما هو المتعارف في رفع مثل هذا الضرر عند المسلمين.
ولا ريب أن العقد أو الإيقاع من العهود التي يعهدها الإنسان لنفسه بنفسه، وطريقة الناس: أنه إذا صار بين اثنين منهم معاهدة في أي شئ كان، فإذا تضرر أحدهما وكان الاخر حكيما عادلا يقول: يا أخي هذا ليس بلازم أنا ما أريد الضرر عليك إن شئت فافعل وإن شئت فلا تفعل، لا أنه أدفع عوض هذا لك من خارج - مع أنه منة على الاخذ أيضا، فيكون ضررا آخر - ولا أنه يبطل يقينا، إذ لا داعي إليه، وبعد هذا الانصراف فلا يرد عليهم في ذلك بحث ونقض.
المقام الثالث: إذا دار الأمر بين ضررين: أحدهما أخف وأقل من الاخر كما أو كيفا، فاللازم ارتكاب الأخف، لنفس قاعدة الضرر والضرار.
وقال الفاضل المعاصر في طي كلام له: وما قيل بتعيين أخف الضررين تمسكا بقاعدة الضرر، ساقط، لعدم الدلالة والمشاركة في النفي (2) [انتهى] (3).
ولكنه ينبغي أن يقال: إن الضرر من الألفاظ التي يطلق على القليل والكثير، بمعنى: أن الضرر العظيم يطلق على كل حصة موجودة في ضمنه أنه ضرر، فما دل على نفي الضرر كما ينفي الأفراد المتباينة المتمايزة، فكذلك الأفراد المتداخلة، ولنمثل لك مثالا حتى يتضح الأمر بعون الله سبحانه.
فنقول: إذا قال الشارع: (إن الخمر حرام) والفرض أن القطرة خمر والمن منه خمر والقربة منه خمر، ومقتضى صدق الاسم على كل من الأبعاض حرمة كل جزء بالذات، لا باعتبار وجودها في ضمن الكل، لتساوي الكل والجزء في صدق الطبيعة المرادة من اللفظ المتواطئ فعلى هذا لو وضع مقدار من الخمر في ظرف