سؤال عن الشك في أصل الإتيان وعدمه، لا في اختلال جزء منه أو شرط.
قيل: ظاهر العبارة مطلقة، لأنه قال: (شك في الركوع وقد سجد، وفي القراءة وقد ركع) وهو أعم من كونه في أصل القراءة أو في شرطها، فيتقيد كلاهما بالركوع.
قلت: إطلاق الموثق قضى بعدم الالتفات، ودلالة الصحيح لو كان فهو مفهوم.
مع أنا نقول: هذا التقييد يدل على أن فرض زرارة الشك في أصل الفعل، إذ لما كان الشك في أصل الفعل قبل الشروع في آخر غير معقول، لأنه إذا شك أنه قرأ مع أنه لم يركع لم يكن هذا شكا بعد المضي والفراغ، إذ الفراغ فرع العلم بأصل القراءة (1). نعم، بعد الدخول في آخر يقع الشك في ذلك، وأما الشك في الجزء والشرط والمانع فيتحقق في القراءة، سواء عرض له الشك في آن الفراغ وإن لم يركع أو بعد الركوع، فلا تذهل.
وهنا كلام، وهو: أن الصحيح قال: (إذا خرجت من شئ ثم دخلت في شئ آخر) وظاهره العلم بالخروج والدخول، وهذا لا يعقل في الشك في أصل الفعل، فإن من شك بعد الركوع في أنه قرأ أو لم يقرأ فمن أين يعلم أنه خرج من القراءة ودخل في الركوع؟ فانحصر هذا الخبر والحسن، بل الموثق أيضا - إذ ما لم يعرف أصل الإيقاع لم يعرف ما مضى حتى يمضيه - في الشك في الجزء من حيث هو جزء، بمعنى: أنه بعد الخروج من العمل التام أو الجزء أو الشرط - كالصلاة والقراءة والوضوء - يشك في جزء شئ من هذه الأشياء أو شرط من شرائطه أو مانع من موانعه، لا أنه يشك أنه قرأ أو لم يقرأ أو توضأ أو لم يتوضأ.
قلنا: الظاهر من (المضي) و (التجاوز) مضي المحل وتجاوز مقام الشئ الذي ينبغي أن يؤتى به، لا مضي نفسه حقيقة. وعلى هذا جرت كلمة الفقهاء في باب الخلل.